المجاعة في غزة تودي بحياة الصغار والأمم المتحدة تدعو إلى إيجاد طرق جديدة للمساعدات
تم التخطيط لإرسال 24 مهمة فقط إلى الشمال المحاصر الشهر الماضي. وتم تسهيل ست منها فقط".
قال ستيفان دوجاريك إنه وفي أعقاب إطلاق البحرية الإسرائيلية النار على قافلة مساعدات تنسقها الأمم المتحدة كانت متجهة إلى شمال غزة في 5 شباط/فبراير، حدث توقف مؤقت للعمليات، "ونتيجة لذلك، تم التخطيط لإرسال 24 مهمة فقط إلى الشمال المحاصر الشهر الماضي. وتم تسهيل ست منها فقط".
وعلى النقيض من ذلك، يقول دوجاريك إن من بين 200 مهمة مخطط لها إلى المناطق جنوب وادي غزة والتي يتطلب الوصول إليها تنسيقا، سهلت السلطات الإسرائيلية 105 منها. وقال دوجاريك إن عمال الإغاثة يواجهون مخاطر كبيرة بسبب الأعمال العدائية المستمرة، وتمت إعاقة العمليات الإنسانية بسبب القتال المستمر والقصف والتحديات الأخرى.
ممرات بديلة
قالت المسؤولة الأممية سيخريد كاخ إن عددا من الدول الكبرى ستشارك في جهود إنشاء ممر بحري إلى غزة يركز على توصيل المساعدات الإنسانية. وأشارت إلى محادثاتها في قبرص بهذا الشأن وأشادت بحكومتها لتخطيطها وبنائها تحالفا من الدول المستعدة للمشاركة في إنشاء هذا الممر لتوصيل الإمدادات الإنسانية والبضائع التجارية للقطاع.
سيخريد كاخ كبيرة منسقي الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية وإعادة الإعمار في غزة، أدلت بتلك التصريحات للصحفيين بعد مشاورات مغلقة عقدها مجلس الأمن الدولي للاستماع منها إلى إحاطة عن جهودها التي تقوم بها وفق ولايتها التي ينص عليها قرار المجلس رقم 2720.
وقالت كاخ إنها أجرت خلال الأسابيع الماضية محادثات مفصلة مع عدد من الدول المهمة منها الأردن ومصر وقطر والإمارات والأرض الفلسطينية المحتلة وإسرائيل وقبرص.
الإنزال الجوي نقطة في محيط
وذكرت المسؤولة الأممية أن توصيل المساعدات عبر الجو أو البحر ليس بديلا عن إيصال المساعدات برا الذي يعد السبيل الوحيد للوفاء بالحجم الهائل للاحتياجات لسكان غزة البالغ عددهم 2.3 مليون شخص.
وعن الإسقاط الجوي للمساعدات قالت كاخ إنه "يعد رمزا على دعم المدنيين في غزة وشهادة على إنسانيتنا المشتركة ولكنه قطرة في محيط. وأبعد عن أن يكون كافيا. إنه مهم ولكنه يبقى متواضعا للغاية".
وشددت على أهمية زيادة وتعزيز حجم وجودة المساعدات الإنسانية التي تدخل قطاع غزة. وذكرت أن رسالتها لأعضاء المجلس تمثلت في ضرورة ضمان زيادة تدفق الإمدادات الإنسانية بشكل هائل إلى غزة وإعادة إنعاش القطاع الخاص للوفاء باحتياجات السكان.
وقالت إن الأمر لا يتعلق فقط بعدد الشاحنات التي تدخل القطاع، مؤكدة أهمية معرفة جودة ما تحمله الشحنات وأهميته وإذا ما كان يفي بالاحتياجات.
تعدد طرق الإمداد
وناقشت كاخ أيضا مع أعضاء المجلس أهمية تنويع طرق وصول الإمدادات إلى غزة برا، مجددة القول إن التوصيل البري أسرع وأرخص تكلفة وأسهل وخاصة إذا كان الهدف هو الحفاظ على توصيل الإغاثة لسكان غزة لفترة طويلة من الزمن.
كما تحدثت المسؤولة الأممية مع أعضاء مجلس الأمن عن أهمية فتح مزيد من المعاير الإضافية. وقالت: "يجب أن تصل المساعدات عبر أسدود ولكن أيضا عبر معابر أخرى وليس فقط كرم أبو سالم. تحدثت أيضا عن الإمكانات التي أراها مع فتح ما يُسمى بطريق الأردن البري الذي يوفر إمكانية مرور 100 شاحنة يوميا على مدار 6 أيام في الأسبوع بما يبني استمرارية وقدرة عل التوقع".
محنة النساء والأطفال
وقال منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية إنه التقى في زيارته الأخيرة لغزة عددا من قادة المجتمع الذين أتوا من وسط غزة وخان يونس ورفح، وتحدثوا عن "الرغبة في حياة كريمة رغم الظروف". وأضاف "كانت هناك معلمة في الاجتماع وكانت تشعر بالقلق من خطر الاجتياح العنيف، وقالت إن ابنها قد حزم حقيبة مدرسية، ليس للمدرسة، بل ليكون نازحا".
وأوضح كذلك أن من التقاهم في ذلك الاجتماع ومعظمهم من الرجال سلطوا الضوء على محنة النساء والأطفال، وتأثير الحرب عليهم فيما يتعلق بقضايا الخصوصية والعناية الشخصية للنساء والمخاوف الغذائية للأطفال.
وتحدث أيضا عن لقائه بمجموعة من النساء في مخيم في منطقة المواصي تم إنشاؤه من قبل المجتمع المحلي. وقال إن النساء اللاتي التقاهن تحدثن عن مسألة الخصوصية، ومشاكل النظافة بسبب نقص المياه النظيفة، وعدم وجود المنتجات الصحية النسائية، وتحدث بعضهن عن استخدام مياه البحر للاغتسال.
وقال إن النساء تحدثن عن تعرضهن للعنف من أزواجهن والتحرش الجنسي أثناء توجههن ليلا إلى الحمامات المشتركة في أماكن النزوح المكتظة. وأضاف أن بعض النساء تحدثن عن الشعور بالغضب الذي يجتاح أزواجهن والذي قد يكون ناجما عن شعورهم بقلة الحيلة لعدم قدرتهم على توفير احتياجات أسرهم.
وأضاف : "قالت لي سيدة: عندما تسير بين الخيام ليلا تسمع صوت بكاء النساء. وذكرت سيدة أخرى أن زوجها كان غاضبا للغاية وأبرحها ضربا خارج الخيمة أمام النساء الأخريات".
قلق مع اقتراب رمضان
وروى ماكغولدريك تجربة سيدة فلسطينية التقى بها في غزة، قالت إنها وضعت توأما في أحد الملاجئ في ظل عدم وجود دواء، وإنها لا تقوى الآن على الرضاعة الطبيعية بسبب نقص المواد المغذية لأنها تتناول فقط الأطعمة المعلبة والخبز.
وأفاد ماكغولدريك كذلك بأن جميع النساء اللاتي التقاهن عبرن عن قلقهن ومخاوفهن من أن "رمضان سيأتي الأسبوع المقبل، وليس لديهن ما يستعدن به، ولا شيء يمكنهن تقديمه لعائلاتهن أو فعله لهم".
منع حدوث مجاعة
وحذر المسؤول الأممي من أن الجوع وصل إلى مستويات كارثية وخاصة في شمال غزة، مشددا على أنه من أجل منع حدوث مجاعة فإن هناك حاجة لزيادة المساعدات الإنسانية بشكل كبير.
ودعا إلى السماح لقوافل الإغاثة باستخدام الطريق العسكري أو "طريق السياج الحدودي" على الجانب الشرقي للقطاع للسماح بمرور الإمدادات القادمة من معبري كرم أبو سالم ورفح وصولا إلى الشمال، وأن يتم السماح بدخول ما لا يقل عن 300 شاحنة يوميا.
وأضاف أنه يجب أيضا السماح لهم باستخدام ميناء أسدود بدلا من محاولة إيجاد ميناء آخر. ونبه أيضا إلى أنه على الرغم من أن الإسقاط الجوي للمساعدات مفيد، "لكنه لن يلبي الاحتياجات الكبيرة التي لا يمكن الوفاء بها إلا عن طريق النقل البري".
الشعب الفلسطيني يواجه مجاعة وشيكة
قال مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بالحق في الغذاء، مايكل فخري إن إسرائيل لا تقوم فحسب بمنع وتقييد تدفق المساعدات الإنسانية إلى غزة، وإنما أيضا تدمر النظام الغذائي في القطاع، مشيرا إلى أن الشعب الفلسطيني يواجه مجاعة وشيكة بسبب الحرب المستمرة منذ ما يقرب من 5 أشهر.
جاء هذا في كلمة الخبير الأممي المستقل* اليوم الخميس أثناء الحوار التفاعلي حول تقريره عن "مصايد الأسماك والحق في الغذاء في سياق تغير المناخ" في إطار فعاليات اليوم التاسع للدورة الـ 55 لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان.
وقال فخري إن إسرائيل تشن حملة تجويع ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وإحدى الطرق للقيام بذلك هي استهداف صغار الصيادين. وأضاف أنه منذ 7 تشرين/أكتوبر الماضي، منعت إسرائيل جميع الصيادين من الوصول إلى البحر ودمرت 75% من قطاع الصيد.
وأوضح كذلك أن القوات الإسرائيلية دمرت ميناء غزة، وكل قارب صيد وكوخ، مضيفا أنه في رفح، لم يتبق سوى قاربين من أصل 40 قاربا، وفي خان يونس، دمرت إسرائيل ما يقرب من 75 سفينة صيد صغيرة الحجم.
"براثن الفقر"
وقال المقرر الخاص المعني بالحق في الغذاء "إن تدمير حياة الصيادين الفلسطينيين وسبل عيشهم هو بمثابة تقويض حق الجميع في الغذاء في غزة، ودفع الناس إلى الجوع".
وأشار إلى أن إسرائيل ظلت تخنق غزة منذ 17 عاما من خلال الحصار، الذي شمل منع وتقييد وصول صغار الصيادين إلى مياههم الإقليمية. وأفاد بأنه قبل الحصار، كان الصيادون يحصلون على عمل لائق وكان الصياد الشاب يستطيع أن يعيش حياة الطبقة المتوسطة، مشيرا إلى أنه "منذ فرض الحصار، وقع الصيادون في براثن الفقر".
وشدد فخري على أنه من أجل ضمان قدرة الشعب الفلسطيني على تحقيق حقه في تقرير المصير والعيش حياة كريمة، يجب أن يشمل ذلك احترام وحماية وإعمال حقوق الإنسان لصغار الصيادين في غزة، بما في ذلك ضمان الوصول الآمن والكامل إلى مياههم الإقليمية.
وتحذر الأمم المتحدة من انتشار سوء التغذية في غزة ومخاطره وخاصة بالنسبة للأطفال الصغار لما يمكن أن يؤدي إليه من هزال وعواقبه التي لا يمكن علاجها. وكان الاكتفاء الذاتي في غزة من السمك وغيره من المنتجات الغذائية، يقي السكان من مثل تلك المخاطر.
*يشار إلى أن المقررين الخاصين والخبراء المستقلين، يعينون من قبل مجلس حقوق الإنسان في جنيف وهي جهة حكومية دولية مسؤولة عن تعزيز وحماية حقوق الإنسان حول العالم. ويكلف المقررون والخبراء بدراسة أوضاع حقوق الإنسان وتقديم تقارير عنها إلى مجلس حقوق الإنسان. وتجدر الإشارة إلى أن هذا المنصب شرفي، فلا يعد أولئك الخبراء موظفين لدى الأمم المتحدة ولا يتقاضون أجرا عن عملهم.