قتل وإصابات على نطاق مدمر في غزة، واستخدام أساليب تشبه الحروب في الضفة الغربية
حذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) من أن الأعمال القتالية الدائرة بأنحاء قطاع غزة تواصل قتل وإصابة وتشريد الفلسطينيين على نطاق مدمر
كما أن الصراع لا يزال يمثل مخاطر غير مقبولة على عمليات الإغاثة رغم الدعوات المتكررة لضمان الوصول الإنساني الآمن بدون عوائق.
وذكر مكتب الأوتشا أن 14 من بين 20 شاحنة مساعدات من معبر كيسوفيم، الذي افتتح حديثا، قد تعرضت لإطلاق نار ونهب مما أدى إلى إصابة ثلاثة سائقين. وقد وصلت الشاحنات الست المتبقية إلى مستودع في دير البلح بوسط غزة.
المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك قال إن الأمم المتحدة دعت على مدى شهور لفتح مزيد من الطرق البرية إلى غزة وداخلها، ولكنه شدد على الحاجة إلى تعزيز الوصول الإنساني والضمانات الأمنية وإتاحة مزيد من الإمدادات كي تصل المساعدات بشكل سريع لجميع المحتاجين إليها في أنحاء غزة بالكميات الضرورية.
وقال دوجاريك، في مؤتمره الصحفي اليومي: "من الضروري أيضا أن تدخل البضائع التجارية الأساسية إلى قطاع غزة. كما قلنا مرارا، من المهم أن تُيسر السلطات الإسرائيلية حركة عمال الإغاثة والإمدادات بأنحاء القطاع".
ونقل دوجاريك عن العاملين في المجال الإنساني القول إن ثلاث بعثات أخرى كان مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية وبرنامج الأغذية العالمي يعتزمان القيام بها للوصول إلى الأجزاء المحاصرة في محافظة غزة اليوم، قد رُفضت.
وفي مدينة غزة، زارت وكالات الأمم المتحدة وشركاؤها في العمل الإنساني تسعة مواقع تؤوي نازحين داخليا لإجراء تقييم للاحتياجات. وقالوا إن أكثر الاحتياجات إلحاحا هي مواد الإيواء بالإضافة إلى الغذاء ومستلزمات النظافة من بين الإمدادات الأخرى.
والتقى أعضاء فريق التقييم شركاء يعملون في مدينة غزة لتوسيع نطاق المساعدات لنحو 120 ألف شخص نزحوا إلى المدينة بسبب الحصار الإسرائيلي لمحافظة شمال غزة. وعلى الرغم من القيود المفروضة على الوصول الإنساني وغير ذلك من تحديات، إلا أن مجتمع العمل الإنساني في غزة مصمم - كما قال دوجاريك - على الوصول إلى الفلسطينيين بأنحاء القطاع بالدعم.
وأفاد المتحدث الأممي بإصلاح خط طاقة محطة تحلية المياه في جنوب غزة، أخيرا بعد جهود مكثفة للمطالبة بذلك. وذكر أن ذلك سيزيد بشكل كبير إنتاج المياه المُحلاة بالمنطقة. وأشار مكتب الأوتشا إلى وصول 20 ألف لتر من الكلور إلى الجنوب لمعالجة مياه الشرب، بما يكفي لضمان توفر الإمدادات الآمنة لمدة تصل إلى شهر.
ولا يزال التوزيع يمثل تحديا كبيرا بسبب الأضرار اللاحقة بخطوط الأنابيب وشح الوقود ونقص أوعية تخزين المياه. وشدد ستيفان دوجاريك على ضرورة إدخال ما يكفي من الوقود وغيره من الإمدادات الأساسية، بشكل يمكن التعويل عليه لدعم البنية الأساسية للمياه في غزة.
الضفة الغربية
وفي الضفة الغربية المحتلة، حذر مكتب الأوتشا من أن القوات الإسرائيلية تواصل استخدام أساليب مميتة مماثلة لما يُستخدم في الحروب - يبدو أنها تتجاوز التدابير المعتادة لتنفيذ القانون.
وقال المكتب الأممي إن 3 من بين 11 فلسطينيا قتلتهم القوات الإسرائيلية بين يومي الثلاثاء من الأسبوع الماضي ويوم الاثنين من هذا الأسبوع، قد لقوا مصرعهم في غارات جوية. وذكر ستيفان دوجاريك أن 50 فلسطينيا من بين 62 تم تشريدهم بين 5 و11 الشهر الحالي- بسبب الهدم المُبرر بعدم وجود تصاريح للبناء- هم من القدس الشرقية وأن الأطفال يمثلون ما يقرب من نصفهم.
وأضاف أن السلطات الإسرائيلية هدمت أمس مبنى سكنيا في منطقة البستان في سلوان كان به مركز مجتمعي يعد شريان حياة لأكثر من 1000 شخص، إذ وفر للنساء والشباب ورشا تدريبية وأنشطة كشفية ورياضية وثقافية. وقال دوجاريك إن خسارة هذا المركز يعد ضربة لهذا المجتمع.
أساليب إسرائيل في الحرب في غزة تتوافق مع الإبادة الجماعية
ذكرت لجنة الأمم المتحدة الخاصة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية، أن "حرب إسرائيل في غزة تتوافق مع خصائص الإبادة الجماعية مع سقوط أعداد كبيرة من القتلى والجرحى والظروف المهددة للحياة المفروضة عمدا على الفلسطينيين هناك".
وفي تقرير أصدرته اليوم قالت اللجنة: "منذ بداية الحرب، دعم مسؤولون إسرائيليون علنا سياسات تسلب الفلسطينيين من الضروريات الأساسية لاستمرار الحياة من الغذاء والماء والوقود. هذه التصريحات مع التدخل المنهجي وغير القانوني في المساعدات الإنسانية، يجعل نية إسرائيل واضحة في استغلال الإمدادات المنقذة للحياة لتحقيق مكاسب سياسية وعسكرية".
تقرير اللجنة* - التي شكلتها الجمعية العامة للأمم المتحدة في كانون الأول/ديسمبر عام 1968 - يغطي الفترة بين تشرين الأول/أكتوبر 2023 وتموز/يوليو 2024 وينظر في التطورات في الأرض الفلسطينية المحتلة والجولان السوري المحتل، ولكنه يركز على "الأثر الكارثي للحرب الحالية في غزة على حقوق الفلسطينيين".
قالت اللجنة: "عبر حصارها لغزة وعرقلتها للمساعدات الإنسانية مع هجمات مستهدفة وقتل للمدنيين وعمال الإغاثة وعلى الرغم من مناشدات الأمم المتحدة المتكررة والأوامر المُلزمة من مـحكمة العدل الدولية وقرارات مجلس الأمن، تتسبب إسرائيل عمدا في القتل والتجويع والإصابات الشديدة وتستخدم التجويع كأداة للحرب وتُوقع عقابا جماعيا على السكان الفلسطينيين".
ويوثـّق التقرير كيف أن حملة القصف الإسرائيلية المكثفة في غزة دمرت الخدمات الأساسية وتسببت في كارثة بيئية ستكون لها آثار صحية طويلة الأمد. وقالت اللجنة: "بحلول أوائل 2024، تم إسقاط 25 ألف طن من المتفجرات- بما يعادل قنبلتين نوويتين- على غزة مما تسبب في دمار واسع وانهيار أنظمة المياه والصرف الصحي وتدمير الزراعة والتلوث السام".
ويثير التقرير مخاوف جسيمة بشأن استخدام إسرائيل لأنظمة الاستهداف المعززة بالذكاء الاصطناعي في توجيه عملياتها العسكرية وأثر ذلك على المدنيين "الذي يتجلى بشكل خاص في العدد الهائل من النساء والأطفال بين الضحايا".
وقالت اللجنة: "إن استخدام الجيش الإسرائيلي للاستهداف المدعوم بالذكاء الاصطناعي بحد أدنى من الإشراف البشري، مع القنابل الثقيلة، يشدد على تجاهل إسرائيل لالتزامها بالتمييز بين المدنيين والمقاتلين واتخاذ الضمانات الكافية لمنع وقوع قتلى من المدنيين".
وأضافت اللجنة أن ما وصفته برقابة إسرائيل المتصاعدة على وسائل الإعلام وقمع المعارضة واستهداف الصحفيين، تعد جهودا متعمدة لمنع الوصول العالمي للمعلومات. وأشارت اللجنة الأممية إلى "إزالة شركات وسائل التواصل الاجتماعي بشكل غير متناسب" للمحتوى المؤيد للفلسطينيين، مقارنة بالمنشورات التي تحرض على العنف ضدهم.
وأدانت اللجنة حملة التشوية الجارية ضد وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونـروا) وضد الأمم المتحدة بشكل عام.
ودعت اللجنة الدول الأعضاء بالأمم المتحدة إلى الالتزام بتعهداتها القانونية "بمنع ووقف انتهاكات إسرائيل للقانون الدولي ومساءلتها على ذلك". وقالت: "إن المسؤولية الجماعية لكل دولة تحتم وقف دعم الهجوم على غزة ونظام الفصل العنصري في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية".
وستقدم اللجنة تقريرها إلى الدورة الحالية للجمعية العامة في الثامن عشر من الشهر الحالي.
*لجنة الأمم المتحدة الخاصة للتحقيق في الممارسات الإسرائيلية التي تؤثر على حقوق الإنسان للشعب الفلسطيني وغيره من العرب في الأراضي المحتلة، أنشئت من الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1968 للنظر في وضع حقوق الإنسان في الجولان السوري، والضفة الغربية - بما فيها القدس الشرقية - وقطاع غزة.
تتألف اللجنة من 3 دول أعضاء بالأمم المتحدة هي ماليزيا والسنغال وسريلانكا.