نداء عاجل لدعم 2.7 مليون فلسطيني، والأمين العام يقول إن الكابوس في غزة أزمة للإنسانية
قال الأمين العام للأمم المتحدة إن الكابوس الذي يشهده قطاع غزة هو أكثر من كونة أزمة إنسانية لأنه "أزمة للإنسانية".
وقال إن تصعيد الصراع هز العالم والمنطقة، والأهم من ذلك دمر الكثير من الأرواح البريئة، مجددا الدعوة للوقف الإنساني لإطلاق النار والإفراج عن الرهائن.
وفي تصريحات صحفية بنيويورك، أعلن أنطونيو غوتيريش إطلاق الأمم المتحدة وشركائها نداء إنسانيا بقيمة 1.2 مليار دولار لمساعدة 2.7 مليون شخص يشملون جميع سكان قطاع غزة و500 ألف شخص في الضفة الغربية بما فيها القدس الشرقية.
وأشار الأمين العام إلى دخول بعض المساعدات المنقذة للحياة إلى غزة من مصر عبر معبر رفح. ولكنه شدد على أن معبر رفح وحده ليس مزودا بالقدرات اللازمة لمرور شاحنات الإغاثة على النطاق المطلوب.
وقال إن ما يزيد قليلا عن 400 شاحنة عبرت إلى غزة خلال الأسبوعين الماضيين، بالمقارنة بخمسمئة شاحنة كانت تدخل القطاع يوميا قبل الصراع الحالي. وأشار إلى أن تلك الشاحنات التي عبرت إلى القطاع مؤخرا لم تقل الوقود الذي تمس الحاجة إليه.
نداءات إنسانية غير مشروطة
وذكر أنطونيو غوتيريش أن الكارثة التي تتكشف الآن تجعل الحاجة للوقف الإنساني لإطلاق النار أكثر إلحاحا مع مرور كل ساعة.
وقال إن الطريق إلى الأمام واضح وأضاف: "وقف إطلاق النار لأغراض إنسانية الآن. واحترام جميع الأطراف لكل التزاماتها وفق القانون الإنساني الدولي الآن. ويعني هذا الإفراج غير المشروط عن الرهائن في غزة الآن. وحماية المدنيين والمستشفيات ومنشآت الأمم المتحدة والملاجئ والمدارس الآن. ودخول مزيد من الغذاء والماء والدواء وبالطبع الوقود إلى غزة بشكل آمن وعاجل وعلى النطاق الذي تتطلبه الحاجة الآن".
وأكد غوتيريش ضرورة ضمان وصول الإمدادات إلى جميع سكان غزة المحتاجين بدون عوائق وإنهاء استخدام المدنيين كدروع بشرية. وقال إن أيا من تلك النداءات يجب ألا يكون مشروطا بالآخر.
وقال الأمين العام في تصريحاته للصحفيين إن "العمليات البرية للجيش الإسرائيلي والغارات الجوية المستمرة، تضرب المدنيين والمستشفيات ومخيمات اللاجئين والمساجد والكنائس ومنشآت الأمم المتحدة بما فيها الملاجئ".
وأضاف: "في نفس الوقت تستخدم حماس وغيرها من المسلحين، المدنيين كدروع بشرية وتواصل قصف الصواريخ بشكل عشوائي باتجاه إسرائيل".
وجدد الأمين العام إدانته المطلقة للأعمال الإرهابية المروعة التي ارتكبتها حماس في السابع من تشرين الأول/أكتوبر، ودعوته للإفراج الفوري والآمن وغير المشروط عن الرهائن المحتجزين في غزة. وقال إن شيئا لا يبرر تعمد تعذيب وقتل وإصابة واختطاف المدنيين. وشدد على الأهمية القصوى لحمايتهم.
لا أحد فوق القانون الدولي الإنساني
وأعرب غوتيريش عن قلقه البالغ بشأن الانتهاكات الواضحة للقانون الدولي الإنساني، وقال: لا يوجد أي طرف في صراع مسلح، فوق القانون الدولي الإنساني.
وقد أصبحت غزة مقبرة للأطفال، كما قال الأمين العام للأمم المتحدة، حيث تفيد التقارير بمقتل وإصابة مئات الفتيات والفتيان يوميا.
كما أفيد بأن عدد الصحفيين الذين قتلوا خلال الأسابيع الأربعة الماضية يفوق العدد المسجل في أي صراع حدث خلال العقود الثلاثة الماضية. أما القتلى من عاملي الإغاثة الأمميين فقال الأمين العام إن عددهم في غزة يفوق أي رقم سُجل خلال نفس الفترة الزمنية في تاريخ الأمم المتحدة.
ووجه الأمين العام التحية إلى جميع من يواصلون عملهم المنقذ للحياة على الرغم من التحديات والمخاطر الهائلة.
مقتل 89 زميلا في الأونروا
وقال غوتيريش إنه وجميع أفراد أسرة الأمم المتحدة يشعرون بالحزن لفقدان 89 زميلا في وكالة الأونروا ممن قُتلوا في غزة.
وذكر أن هؤلاء الزملاء كان من بينهم مدرسون وأطباء ومهندسون وحراس أمن وموظفون مساعدون، وشابة اسمها مي.
وقال: "لم تسمح مي لمرض الضمور العضلي أو اضطرارها لاستخدام مقعد متحرك، بالحد من أحلامها. كانت طالبة متفوقة وأصبحت مُطورة برامج وكرّست مهاراتها للعمل في مجال تكنولوجيا المعلومات مع الأونروا".
إدخال الوقود
أطراف الصراع، والمجتمع الدولي، يتحملون مسؤولية فورية وأساسية، كما قال الأمين العام، تحتم عليهم العمل لإنهاء المعاناة الجماعية اللا-إنسانية وتوسيع دخول الإغاثة الإنسانية إلى غزة.
وشدد على أهمية دخول الوقود إلى القطاع، وقال: بدون الوقود سيموت حديثو الولادة في الحضانات والمرضى المعتمدون على أجهزة دعم الحياة، ولن يصبح ممكنا ضخ المياه أو تنقيتها، وستفيض مياه الصرف الصحي العادمة قريبا في الشوارع لتتفشى الأمراض بشكل أكبر، ولن تتمكن الشاحنات من نقل مواد الإغاثة.
تحذير من توسع الصراع وخطاب الكراهية
وأعرب غوتيريش عن القلق البالغ بشأن تصاعد العنف وانتشار الصراع. وقال إن الضفة الغربية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، عند نقطة الغليان.
وشدد على ضرورة الاهتمام بمعالجة مخاطر توسع نطاق الصراع إلى بقية أنحاء المنطقة، مشيرا إلى التصعيد في لبنان وسوريا والعراق واليمن. وأكد ضرورة وقف هذا التصعيد، وأهمية أن تسود الجهود الدبلوماسية والعقول الراجحة.
كما أبدى الأمين العام انزعاجه بشأن تصاعد معاداة السامية والتعصب ضد الإسلام، وقال إن المجتمعات المسلمة واليهودية في كثير من أنحاء العالم في حالة تأهب وحذر، خائفين على سلامتهم الشخصية وأمنهم.
"في مسابقة الألم لا يوجد فائز"
وتطرق الأمين العام إلى لقائه، قبل عشرة أيام، عددا من أسر الرهائن المحتجزين في غزة. وقال إنه سمع قصصهم وشعر بألمهم وتأثر بتعاطفهم. وأكد أنه لن يتوقف عن العمل لتأمين الإفراج الفوري عن الرهائن. وقال إن هذا أمر أساسي في حد ذاته ومركزي لحل الكثير من التحديات الأخرى.
وذكر أن إحدى الأمهات شاركت معه حزنها لاختطاف ابنها الذي يُسمى "هيرش". وقال إنها تحدثت للصحفيين أمام قاعة مجلس الأمن، وقالت عن ضرورة التصدي للكراهية: "إذا شعر المرء بالغضب فقط عندما يُقتل أطفال من جانب واحد، فهذا يعني أن بوصلته الأخلاقية وإنسانيته معطوبة".
وقال غوتيريش إن هذه الأم وقفت أمام العالم لتذكرنا بأنه "في مسابقة الألم، لا يوجد فائز".
وشدد الأمين العام على ضرورة العمل الآن لإيجاد سبيل للخروج من طريق الدمار المسدود، وللمساعدة في إنهاء الألم والمعاناة، وتمهيد الطريق أمام السلام وحل الدولتين ليعيش الفلسطينيون والإسرائيليون في سلام وأمن.