الولايات المتحدة تستخدم الفيتو ضد مشروع قرار يوصي الجمعية العامة بمنح فلسطين عضوية كاملة بالأمم المتحدة
استخدمت الولايات المتحدة الأمريكية حق النقض (الفيتو) ضد مشروع قرار جزائري يوصي الجمعية العامة بقبول دولة فلسطين عضوا في الأمم المتحدة.
صوت لصالح القرار 12 عضوا من بين أعضاء المجلس الخمسة عشر، وعارضته الولايات المتحدة وامتنعت عن التصويت المملكة المتحدة وسويسرا.
قبيل التصويت، قال السفير الجزائري عمار بن جامع إن قبول العضوية الكاملة لفلسطين يعد خطوة حاسمة "نحو تصحيح ظلم طال أمده"، وقال إن هذا هو أقل ما يمكن القيام به "للوفاء بالدين الذي ندين به لشعبها" وسيمثل إشارة واضحة إلى وقوف المجتمع الدولي إلى جانب فلسطين.
وأضاف: "لا بد من معالجة هذا الظلم التاريخي وإعادة توازن ميزان العدالة".
وقال إن قبول فلسطين في الأمم المتحدة من شأنه أن يعزز ولا يقوض حل الدولتين، "الذي تواصل سلطات الاحتلال الوقوف ضده علنا، وسيشكل رفضا لمحاولتها محو الشعب الفلسطيني وتدمير الدولة الفلسطينية وكل آفاق السلام".
وعقب التصويت، أكد السفير الجزائري أن "التأييد الساحق" في المجلس للطلب يبعث برسالة واضحة مفادها أن "دولة فلسطين تستحق مكانها المستحق بين أعضاء الأمم المتحدة".
ووعد بأن تعود بلاده إلى المجلس "أقوى وبصوت أعلى" بدعم من "الأغلبية الساحقة في الجمعية العامة"، وأعرب عن أمله في أن أولئك الذين لم يتمكنوا من دعم قبول دولة فلسطين اليوم "سيضطرون إلى القيام بذلك المرة القادمة".
في 2 نيسان/ أبريل، أرسلت فلسطين إلى الأمين العام للأمم المتحدة رسالة تطلب فيها تجديد النظر في طلبها للانضمام إلى عضوية الأمم المتحدة، وهو طلب تم تقديمه أصلا عام 2011. وبعد استلام الطلب، أحاله الأمين العام إلى مجلس الأمن، الذي تناول هذه المسألة في 8 نيسان/أبريل في جلسة مفتوحة.
واليوم 18 نيسان/أبريل اجتمع المجلس للتصويت على مشروع القرار المقدم من الجزائر بهذا الشأن. ورغم حصول القرار على أغلبية أعضاء المجلس إلا أن استخدام الفيتو من الولايات المتحدة وهي إحدى الأعضاء الخمسة الدائمين بالمجلس، حال دون اعتماد القرار.
الدول دائمة العضوية هي: روسيا، الصين، فرنسا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة.
روسيا
بعد التصويت قال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا إنه بعد استخدام الولايات المتحدة حق النقض "للمرة الخامسة" منذ بداية التصعيد في غزة، "أظهر الأمريكيون مرة أخرى ما يؤمنون به حقا تجاه الفلسطينيين. بالنسبة لواشنطن، فإنهم (الشعب الفلسطيني) لا يستحقون أن تكون لهم دولة خاصة بهم. فهم مجرد عائق في طريق تحقيق مصالح إسرائيل".
وأضاف السفير الروسي أن الهدف هو "كسر إرادة الفلسطينيين لإجبارهم دفعة واحدة وإلى الأبد، على الخضوع لقوة الاحتلال، وتحويلهم إلى خدم وأشخاص من الدرجة الثانية"، وربما إجبارهم على الخروج إلى الأبد من أراضيهم الأصلية.
وأشار إلى أن "واشنطن نفسها ستخرج نهائيا من قائمة الدول المحبة للسلام والمحترمة. بعد أن تقاسمت المسؤولية الكاملة مع حلفائها الإسرائيليين عن مقتل عشرات الآلاف من المدنيين الفلسطينيين".
الولايات المتحدة
وبعد استخدامه الفيتو ضد مشروع القرار الجزائري، قال روبرت وود نائب السفيرة الأمريكية لدى الأمم المتحدة إنه لم يكن هناك إجماع بين أعضاء "لجنة قبول الأعضاء الجدد" حول ما إذا كان مقدم الطلب يستوفي معايير العضوية، على النحو المنصوص عليه في المادة الرابعة من مـيثاق الأمم المتحدة.
وأضاف: "لقد طالبنا السلطة الفلسطينية منذ فترة طويلة بإجراء الإصلاحات اللازمة للمساعدة في تحديد سمات الاستعداد لإقامة الدولة، ونلاحظ أن حماس، وهي منظمة إرهابية، تمارس حاليا السلطة والنفوذ في غزة، وهي جزء لا يتجزأ من الدولة المتوخاة في هذا القرار. ولهذه الأسباب، صوتت الولايات المتحدة ضد قرار مجلس الأمن". وقال إن بلاده تواصل دعمها القوي لحل الدولتين.
فرنسا
بعد أن صوتت فرنسا لصالح مشروع القرار، قالت نائبة السفير الفرنسي ناتالي برودهيرست إن الوقت قد حان لتحقيق تسوية سياسية للصراع الإسرائيلي الفلسطيني على أساس حل الدولتين.
وأوضحت أن بلادها تؤيد مبادرة الجزائر برفع مكانة فلسطين في الأمم المتحدة وقبولها عضوا كاملا، مشددة على ضرورة أن يسمح هذا الاعتراف باستئناف عملية حاسمة ولا رجعة فيها لتنفيذ حل الدولتين وتعزيز السلطة الفلسطينية كي تكون قادرة على ممارسة مسؤولياتها بفعالية وكفاءة في جميع أنحاء أرض الدولة الفلسطينية المستقبلية.
وأوضحت المندوبة الفرنسية أن الصراع في غزة يبين مدى أهمية أن يلتزم مجلس الأمن بشكل حازم بالتوصل إلى حل سياسي للصراع وفي الوقت نفسه تعزيز عمله الإنساني.
فلسطين
رياض منصور المراقب الدائم لدولة فلسطين لدى الأمم المتحدة أكد أن حق الفلسطينيين في تقرير المصير حق طبيعي وتاريخي وقانوني "في العيش في وطننا فلسطين كدولة مستقلة حرة ذات سيادة"، وأنه حق لا يؤجل ولا يعلق ولا يسقط بالتقادم ولا يخضع لأي تحكم أو تسلط أو تشرط لاسيما من قبل إسرائيل.
وأكد أن عضوية فلسطين في الأمم المتحدة هي استثمار في السلام، ولا تنتقص من حقوق أي من الدول الأعضاء ولا تهدد أو تنفي عضوية أي منها، مشددا على أن "عدم تبني القرار لن يكسر إرادتنا ولن يثنينا ولم يهزم عزيمتنا".
وجدد الدعوة لعقد مؤتمر دولي للسلام تحت رعاية دولية متعددة الأطراف يهدف إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي وتحقيق استقلال دولة فلسطين.
وشدد على أن الشعب الفلسطيني شعب يتوق للحرية والحياة الكريمة والعيش بسلام، وأنه "لن يختفي ولن يندثر".
إسرائيل
شكر السفير الإسرائيلي جلعاد إردان، الرئيس الأمريكي جو بايدن على "وقوفه إلى جانب الحقيقة والأخلاق في مواجهة النفاق والسياسة" في استخدام حق النقض ضد مشروع القرار. وقال إنه من المحزن أن معظم أعضاء المجلس "قرروا مكافأة الإرهابيين الفلسطينيين بدولة فلسطينية"، مضيفا أن تصويتهم "لن يؤدي سوى إلى تشجيع الرفض الفلسطيني [للحلول] ويجعل السلام شبه مستحيل".
وقال إردان إنه خلال السنوات الثلاث التي قضاها في تمثيل إسرائيل لدى الأمم المتحدة، كرر نفس الحجج مرارا وتكرارا، لذلك لن "يحاول إصلاح ما هو معطل بالفعل".
وأضاف: "التحدث إلى هذا المجلس يشبه التحدث إلى جدار من الطوب. أدعو أن يأتي اليوم الذي تفهمون فيه حجم الخطأ الذي ترتكبونه هنا. أدعو أن تفهموا قبل فوات الأوان".