"عالم من الدمار": مسؤولة أممية تصف الوضع في غزة بعد زيارة للقطاع
قالت الممثلة الخاصة لهيئة الأمم المتحدة للمرأة في الأرض الفلسطينية المحتلة، ماريس غيموند إن السكان في غزة حرموا بالكامل تقريبا من الوسائل والقدرة على ضمان الأمن
الغذائي والمأوى والصحة وسبل العيش. يأتي هذا بينما سلط ممثل منظمة الصحة العالمية هناك الضوء على العدد المذهل من الإصابات، وبتر الأطراف، والمرضى الذين يعانون من حالات صحية مزمنة في القطاع.
وأضافت ماريس غيموند في المؤتمر الصحفي نصف الأسبوعي لوكالات الأمم المتحدة في جنيف، متحدثة عن زيارتها الأخيرة لقطاع غزة، أنه "في اللحظة التي تعبر فيها معبر كرم أبو سالم، ويغلَق السياج خلفك، تشعر وكأنك عالق في عالم من الدمار".
وقالت المسؤولة الأممية التي تحدثت للصحفيين عبر الفيديو "كانت النساء يسألنني، متى يمكننا العودة إلى منازلنا؟" مشددة على أن "كل نزوح جلب المزيد من الخسارة والخوف".
وأفادت غيموند بأنها رأت الناس مكتظين في ملاجئ مؤقتة ويفتقرون حتى إلى الأساسيات الضرورية، وأنه في إحدى مدارس وكـالة إغاثة وتشغيل لاجئ فلسطين (الأونروا) التي تحولت إلى مركز للإيواء، لا يوجد سوى 25 مرحاضا لـ 14 ألف شخص يبحثون عن الأمان داخل الملجأ كما يوجد 59 ألف شخص يخيمون خارجه.
وكانت المسؤولة الأممية قد تحدثت، فور ختام زيارتها إلى غزة، في حوار مع أخبار الأمم المتحدة عن تأثر نساء بشكل غير متناسب بالحرب.
أطفال خدج وعمليات قيصرية
الدكتور ريك بيبركورن، ممثل منظمة الصحة العالمية في الأرض الفلسطينية المحتلة قال في نفس المؤتمر الصحفي عبر الفيديو إن العاملين الصحيين وأطباء التوليد والأطباء في القطاع يعالجون الآن مستويات أعلى بكثير من الأطفال منخفضي الوزن عند الولادة مقارنة بما كان عليه الحال قبل الحرب.
وأضاف بيبركورن متحدثا من القدس "نرى الكثير من الأطفال الخدج والأطفال منخفضي الوزن عند الولادة، وترى ذلك غالبا في أوقات الصراعات والحرب".
وأشار إلى أن "هناك قصصا عن النساء اللواتي يذهبن إلى المستشفى يطلبن عملية قيصرية مبكرة للتأكد من الولادة بأمان لأنهن لم يكن لديهن وضوح تام وما إذا كان بإمكانهن الوصول إلى المستشفى لاحقا، بسبب الوضع الأمني المتقلب والوضع المتغير باستمرار".
وإلى جانب المخاطر التي قد تتعرض لها الأمهات وأطفالهن أثناء الولادة في غزة اليوم حيث "لا توجد بالكاد أي رعاية ما قبل الولادة"، سلط المسؤول الأممي الضوء على العدد المذهل من حالات الإصابات بالرضوح (الصدمات)، وبتر الأطراف، والمرضى الذين يعانون من حالات صحية مزمنة والذين يحتاجون بشكل عاجل إلى الإجلاء من القطاع لتلقي العلاج.
الحاجة لإجلاء مزيد من المرضى
منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، تم إجلاء ما يقرب من 4800 مريض بسبب الضرورة الطبية من غزة، معظمهم إلى مصر وأماكن أخرى في المنطقة.
ممثل منظمة الصحة في الأرض الفلسطينية المحتلة أوضح أن "ما لا يقل عن 10 آلاف مريض آخر" يحتاجون الآن إلى علاج متخصص خارج القطاع "نصفهم مرتبط بالحرب، والنصف الآخر مرتبط بما نسميه الأمراض المزمنة بما فيها السرطان وأمراض القلب والأوعية الدموية وأمراض أخرى غير معدية، بما في ذلك حالات الصحة العقلية الشديدة".
وأشار بيبركورن إلى أنه ما يقرب من 50 إلى 100 عملية إجلاء طبي كانت تتم بانتظام من غزة إلى المستشفيات في الضفة الغربية قبل الحرب، داعيا إلى إعادة فتح معبر رفح الحدودي في جنوب القطاع، أو استخدام معبر كرم أبو سالم القريب بدلا من ذلك.
توقف لم ينعكس على الأرض
بدوره تحدث الدكتور ثانوس غارغافنيس، جراح رضوح ومسؤول طوارئ في منظمة الصحة العالمية عما أعلنت عنه إسرائيل مؤخرا بشأن ما وصفته بوقف تكتيكي للأنشطة العسكرية، قائلا إن "ذلك التوقف الإنساني لم ينعكس على الأرض. لم يكن هناك يوم واحد حيث يمكننا أن نقول إننا سنستغل هذا التوقف الإنساني لجلب الإمدادات التي تنتظرنا من معبر كرم أبو سالم".
وتطرق المتحدث باسم مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، يانس لاركيه إلى نفس المخاوف، مشددا على مسؤولية إسرائيل بموجب القانون الدولي الإنساني كقوة احتلال، لضمان وصول إمدادات الإغاثة بما في ذلك الوقود إلى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إليها، بما في ذلك من خلال معالجة التدمير الكامل للقانون والنظام والتقارير عن النهب.
وقال لاركيه "نرحب بأي مبادرة تهدف إلى تسهيل توصيل المساعدات، وقد توصلنا إلى تفاهم مع كوغات (وهي مؤسسة تنسيق الأنشطة الإسرائيلية في الأرض الفلسطينية) بشأن فسحات من التنقل المنسق الذي يهدف إلى تسهيل الحركة الآمنة للمساعدات الإنسانية".
وأضاف "ربما يكون القتال في المنطقة قد انخفض نتيجة لتلك التحركات المنسقة. لكن هذا ليس العائق الوحيد أمام زملائنا لتسلم المساعدات في المنطقة ما بين معبر كرم أبو سالم وطريق صلاح الدين".
عملية محفوفة بالمخاطر
الدكتور غارغافنيس حذر من أن إغلاق معبر رفح، وزيادة القتال، واستمرار النزوح القسري لسكان غزة يعني أن ما تم تحقيقه في غزة "ليس سوى جزء بسيط مما ينبغي لنا أن نفعله".
وأضاف "أعلم أننا نقول هذا مرارا وتكرارا. ومع ذلك، يجب على الجميع أن يفهموا أنه بالنسبة لكل عامل دولي يدخل الآن إلى قطاع غزة، فإن العملية طويلة ومحفوفة بالمخاطر وتتطلب قدرا هائلا من الموارد".
وقال المسؤول في منظمة الصحة العالمية "في الوقت الحالي، من خلال معبر كرم أبو سالم، يتعين علينا أن نقود أنفسنا، ويتعين علينا قيادة المركبات المدرعة بأنفسنا للتأكد من أن المجتمع الدولي يواصل الدخول والخروج من قطاع غزة. هذه ليست سوى واحدة من القضايا الرئيسية التي نواجهها".