مسؤول أممي: شهدت في مجمع ناصر الطبي أحد أفظع المشاهد التي رأيتها في غزة خلال الأشهر التسعة الماضية
قال سكوت أندرسون نائب مدير شؤون الأونروا في قطاع غزة إنه شهد أثناء زيارته لمجمع ناصر الطبي في خان يونس أمس، أحد أفظع المشاهد التي رآها في غزة
وذكر أن العديد من المصابين كانوا يتلقون العلاج على أرضية المستشفى دون وجود مطهرات في ظل الافتقار إلى الأسرّة الكافية ومعدات النظافة والإمدادات الضرورية الأخرى.
وكانت سلسلة القصف الجوي التي شنتها القوات الإسرائيلية في منطقة المواصي قرب خان يونس جنوب قطاع غزة أمس السبت قد أدت إلى مقتل العشرات وإصابة حوالي 300 شخص بجراح وفقدان أثر الكثيرين تحت الأنقاض، وفق التقارير.
سكوت أندرسون الذي يشغل أيضا منصب نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، أشار إلى أن مستشفى ناصر يرزح تحت أعباء هائلة، وقال إنه رأى أطفالا صغارا مبتوري الأطراف، وآخرين مشلولين ومحرومين من إمكانية تلقي العلاج الطبي، وآخرين منفصلين عن ذويهم.
كما رأى أمهات وآباء لا يعرفون ما إذا كان أطفالهم على قيد الحياة. وقال: "أخبرني الآباء والأمهات في يأس أنهم كانوا قد انتقلوا إلى «ما يسمى بالمنطقة الإنسانية» على أمل أن يكون أطفالهم بأمان هناك".
وأكد أن زملاءه من مجتمع العمل الإنساني يبذلون كل ما في وسعهم لتعزيز القدرات الطبية في غزة، حيث أصبح النظام الصحي في حالة يرثى لها منذ فترة طويلة. وقال إن فريق الأمم المتحدة قدم أمس خدمات الإحالة والمزيد من الخيام والأسرّة، والنقالات والمستهلكات والأدوية. لكنه ذكر أن العراقيل التي تعيق العمليات الإنسانية تحول دون تقديم الدعم للأشخاص بالقدر المطلوب.
وشدد سكوت أندرسون على ضرورة حماية المدنيين في جميع الأوقات، والحاجة الماسة إلى وقف إطلاق النار، والإفراج عن جميع الرهائن المتبقين، وإتاحة الفرصة لسكان غزة لالتقاط أنفاسهم، وتهيئة الظروف اللازمة للشروع في مرحلة التعافي.
وأضاف أندرسون في مؤتمر صحفي عُقِد في مقر الأمم المتحدة في نيويورك اليوم الاثنين وشارك فيه عبر الفيديو من خان يونس في غزة، أن الجميع تقريبا في غزة أجبروا على الفرار مرارا، وأنهم يسيرون على الأقدام في الغالب، "وبعضهم لا يستطيع أن يحمل إلا أطفاله، وكثيرون فقدوا كل شيء وهم في احتياج إلى كل شيء".
وقال أندرسون الذي يشغل أيضا منصب نائب مدير شؤون الأونروا في قطاع غزة إنه عندما كان في مدينة غزة يوم الجمعة الماضي تحدث مع النازحين، الذين أخبروه أنهم لا يستطيعون تحمل تكاليف الانتقال إلى أي مكان وأنهم عالقون في مكانهم.
وأضاف "لذا فإن فرقنا على الأرض توفر الطعام والمياه للجميع في هذا المكان وتحاول جاهدة التأكد من قدرتهم على تلبية بعض ضرورياتهم الأساسية على الأقل".
لكنه أفاد بأن أحد الأشياء التي يجدونها "محبطة" هو أنه بعد تسعة أشهر، ما يحتاجه الناس في الشمال لا يزال كما كان عندما بدأت الحرب، مشيرا إلى الاحتياجات الأساسية بما فيها الطعام والمياه والدواء، فضلا عن الاحتياجات العاجلة للنساء من مستلزمات النظافة الصحية.
"هواء معبأ برائحة الدم"
المسؤول الأممي زار مجمع ناصر الطبي في خان يونس يوم السبت حيث شهد "أحد أفظع المشاهد التي رآها في غزة خلال الأشهر التسعة الماضية". وقال أندرسون إنه زار المجمع بعد الضربة التي تعرضت لها منطقة المواصي، حيث كان المرفق الصحي مكتظا، وكان هناك أكثر من 100 شخص مصاب.
وأضاف "كان الهواء معبئا برائحة الدم. وكان أحد العاملين في المجال الصحي يمسح برك الدم على الأرض باستخدام الماء فقط لعدم وجود إمدادات كافية ومواد مطهرة أو غيرها من لوازم التنظيف لوقف انتشار العدوى".
وأفاد بأنه أثناء وجوده في المستشفى شاهد رضعا مبتوري الأطراف، وأطفالا مشلولين ومحرومين من تلقي العلاج لعدم وجود المعدات اللازمة في المستشفى، وأطفالا آخرين انفصلوا عن آبائهم.
وجدد أندرسون التأكيد على أنه لا مكان آمنا في غزة.
عوامل تعرقل المساعدات
وشدد نائب مدير شؤون الأونروا في قطاع غزة على أنه لا تزال هناك عدة عوامل تعرقل تقديم المساعدات الإنسانية في غزة على نطاق واسع بما فيها القيود على الحركة وسلامة العاملين في المجال الإنساني، وتحديات الاتصالات، وساعات العمل غير المتوقعة.
وأشار أيضا إلى الزيادة الكبيرة في انهيار القانون والنظام في غزة، منبها إلى أن لذلك تأثيرا كبيرا على قدرة العاملين في المجال الإنساني على تقديم المساعدات على نطاق واسع. وتحدث كذلك عن عدم السماح لوسائل الإعلام الدولية بدخول غزة، مشددا على أن "الشيء الذي نحتاج إليه بشدة هو وسائل الإعلام في غزة".
وحث السلطات الإسرائيلية على السماح للصحفيين الدوليين بالدخول إلى قطاع غزة، داعيا إلى بذل كل الجهود لحماية الصحفيين والعاملين في وسائل الإعلام أينما كانوا في القطاع.
وقال المسؤول الأممي إنه يجب أن يتمتع المدنيون بالحماية في كل الأوقات، مضيفا "ما نحتاج إليه بشكل عاجل هو وقف إطلاق النار، واحترام أهل غزة، والإفراج عن الرهائن حتى يتمكنوا من العودة إلى عائلاتهم، وإتاحة فرصة حقيقية للتعافي".