بعد إطلاق النار على قافلة أممية في غزة، الأونروا تعيد التأكيد على أن عاملي الإغاثة ليسوا هدفا
أعربت جولييت توما، مديرة التواصل والإعلام في وكالة الأونروا عن الأسف لتكرار حوادث الاعتداء على العاملين في المجال الإنساني في الأرض الفلسطينية المحتلة
مؤكدة أن العاملين الإنسانيين ليسوا هدفا وينبغي حمايتهم في جميع الأوقات.
وشددت على ضرورة الالتزام بقواعد الحرب واحترامها في جميع الأوقات. في مقابلة مع أخبار الأمم المتحدة، تحدثت جولييت توما عن حادثة إطلاق النار على قافلة تابعة للأمم المتحدة من القوات الإسرائيلية بينما متجهة إلى شمال غزة. وقالت إنه "لحسن الحظ لم يصب أحد في الحادثة".
كما تحدثت جولييت توما عن الوضع الإنساني المتدهور في غزة، بما في ذلك النزوح الجماعي للسكان، والهجمات على مرافق الأونروا، وسلطت الضوء على التحديات التي تواجهها الوكالة في تقديم المساعدات الإنسانية في ظل هذه الظروف الصعبة.
كما تطرقت المسؤولة الأممية إلى الآثار النفسية المدمرة للحرب على الأطفال في غزة، وتصاعد العنف في الضفة الغربية، وخاصة ضد الأطفال، وتحديات التمويل التي تواجهها الأونروا في ظل نقص التمويل.
فيما يلي نص الحوار مع جولييت توما، مديرة التواصل والإعلام في وكالة الأونروا.
أخبار الأمم المتحدة: تعرضت قافلة تابعة للأمم المتحدة لإطلاق نار من القوات الإسرائيلية عند نقطة تفتيش أثناء توجهها إلى مدينة غزة. هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن هذا الحادث؟
جولييت توما: وقعت هذه الحادثة يوم أمس (الأحد) عندما كانت قافلة من العاملين في المجال الإنساني بالأمم المتحدة متجهة شمالا إلى مدينة غزة. كانت وجهتهم مجمع الأمم المتحدة في غزة. وبينما كانوا ينتظرون قبل نقطة التفتيش الإسرائيلية في غزة مباشرة، حدث إطلاق نار كثيف. تلقت إحدى السيارات ما لا يقل عن خمس رصاصات. لقد تعرضت لأضرار بالغة واضطرت إلى مغادرة القافلة.
نحن محظوظون جدا لعدم حدوث أي إصابات بين موظفينا، ولكن أصيب الجميع بالصدمة. على الرغم من ذلك، قرر الفريق مواصلة التوجه شمالا ووصلوا إلى وجهتهم.
أخبار الأمم المتحدة: وكيف كان التنسيق مع السلطات الإسرائيلية قبيل هذه الحادثة؟
جولييت توما: كل حركة من هذا القبيل يتم تنسيقها، بشكل وثيق للغاية، ويسمح بها من قبل السلطات الإسرائيلية. ولكن مع ذلك، هذه ليست المرة الأولى التي يحدث فيها مثل هذا الأمر لقافلة تابعة للأمم المتحدة. في الأونروا فقط، لدينا ما لا يقل عن خمس حوادث مماثلة على الرغم من التنسيق. وعندما نقول التنسيق مع السلطات الإسرائيلية، فإننا نعني أننا نقدم للسلطات الإسرائيلية تفاصيل كافية لحماية القافلة ومنع وقوع مثل هذه الهجمات التي رأيناها بالأمس. لذلك نقدم لهم تفاصيل مثل أسماء وجنسيات الموظفين المسافرين في القافلة.
نعطيهم توقيت الوصول وتوقيت المغادرة. نعطيهم أرقام لوحات السيارات. بالطبع، نتأكد من أن فرقنا ترتدي سترات وخوذات. كما نشارك إحداثيات الطريق الذي تسلكه القافلة. لكن هذا يحدث كثيرا، ولا ينبغي أن يحدث. العاملون في المجال الإنساني ليسوا هدفا. يجب حماية العاملين في المجال الإنساني في جميع الأوقات.
أخبار الأمم المتحدة: أكدتم أنه لم تكن هناك إصابات بين موظفي الأمم المتحدة. لكن ذكرتم أن أفراد الفريق اضطروا إلى الإنحناء بسرعة والاحتماء من إطلاق النار. هل كان الفريق في خطر حقيقي؟
جولييت توما: إطلاق خمس رصاصات على سيارة واحدة يمثل الكثير من الخطر. لحسن الحظ أنه لم تكن هناك إصابات أو وفيات بين أفراد الفريق. كان ينبغي تجنب ذلك. للأسف، هذا يحدث للأسف كثيرا. في كل حرب، بما فيها الحرب في غزة، توجد قواعد ويجب احترامها في جميع الأوقات.
أخبار الأمم المتحدة: وماذا يحدث عادة بعد وقوع مثل هذا الحادث؟
جولييت توما: عندما تحدث مثل هذه الحوادث فإننا نحتج لدى المسؤولين. في هذه الحالة، كانت القوات الإسرائيلية. في حالة الأمس قرر الفريق الاستمرار بسيارة واحدة، مما يعني حمل معدات أقل والتزاحم في سيارة واحدة، لكنهم قرروا بالفعل الاستمرار في الوصول إلى وجهتهم، وقيموا الأضرار الجسيمة التي لحقت بمجمع الأونروا في مدينة غزة.
ربما تكونون قد شاهدتم اللقطات والصور التي عرضناها. ليس بالإمكان التعرف على المجمع بالنسبة لشخص زار المجمع عدة مرات قبل الحرب. أستطيع القول إنه كان من المحزن رؤية هذه الصور. بدا المكان وكأنه ساحة معركة.
أخبار الأمم المتحدة: ما يقرب من 9 من كل 10 أشخاص في غزة نزحوا مرة واحدة على الأقل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر. هل يمكنك تطلعينا حول عمل الأونروا لمساعدة سكان غزة على الأرض؟
جولييت توما: منذ بدء الحرب، اضطر جميع سكان غزة تقريبا إلى الفرار – أي 90 في المائة من عدد السكان. وربما يكون هذا أقل من الواقع. نستمر في مشاهدة الناس وهم يفرون يوميا. عندما نقول إن الناس مشردون، لست متأكدة تماما من أننا نتحدث بإنصاف عما يعنيه ذلك.
يعيش الناس في عجلة من أمرهم. في بعض الأحيان يتلقون مكالمة ويتعين عليهم المغادرة في غضون عشر دقائق. يتركون كل شيء وراءهم. ليس فقط منازلهم، ولكن متعلقاتهم وذكرياتهم وكتبهم وألعاب أطفالهم. وعليهم المغادرة إلى المجهول دون علم إلى أين سيذهبون للاحتماء.
وغالبا ما تتكرر القصة. اليوم أجرينا مقابلة مع شخص في غزة فقال لنا: لقد نزحت مرتين خلال الساعات العشر الماضية. إنه نزوح مستمر، ويحدث بشكل متكرر. لا يوجد مكان آمن في غزة. يواصل الناس البحث عن الأمان دون جدوى.
أخبار الأمم المتحدة: تلقت العائلات في خان يونس مرة أخرى أوامر إخلاء من السلطات الإسرائيلية. الآلاف من الناس يتنقلون مرة أخرى هربا من الضربات والعمليات العسكرية. أخبرينا كيف تستجيب الأونروا والمنظمات الإنسانية الأخرى لموجات النزوح من هذه المناطق؟
جولييت توما: منذ بدء الحرب، فتحت الأونروا ملاجئها وبدأت في استقبال الأشخاص الذين أجبروا على الفرار من منازلهم. فهذا مستمر منذ ما يقرب من عشرة أشهر الآن. أولا، من مدينة غزة في شمال القطاع، فتحنا ملاجئ كانت في السابق مدارس للأطفال. وكنا، قبل الحرب، قد خططنا لإيواء 150,000 شخص في أكثر من 50 ملجأ.
خلال الحرب، كانت الأونروا تستضيف مليون شخص في أكثر من 100 مأوى. الآن الوضع مختلف قليلا لأنه حتى في ملاجئ الأونروا، لم تكن تتوفر للناس الحماية. تعرض عدد كبير جدا من الملاجئ للهجوم والضرب. ولذلك غادر الناس لعدم توفر الحماية تحت علم الأمم المتحدة. لذا فالناس يتنقلون باستمرار. نحن نعمل بشكل وثيق للغاية مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى.
لدينا أكبر عدد من العاملين الإنسانيين في الخطوط الأمامية، والذين هم أنفسهم نازحون. إنهم هم الموجودون في الملاجئ وحولها. يقدمون الطعام والماء. كما يقدمون الرعاية الصحية الأولية. لقد أصبحنا، منذ بداية الحرب، أحد أكبر مقدمي الرعاية الصحية الأولية في غزة.
أخبار الأمم المتحدة: تحدثتِ بإيجاز عن صور مكتب الوكالة في مدينة غزة، التي نشرتها الوكالة على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد تدمر بالكامل الآن. هل يمكنك إخبارنا بالمزيد عن الأضرار التي لحقت بمنشآت الأونروا في غزة؟
جولييت توما: الصور التي نشرناها هذا الصباح على منصات التواصل الاجتماعي ليست سوى قطرة في محيط. تعرضت ما يقرب من ثلثي مرافق ومباني الأونروا - سواء كانت مدارس أو مكاتب أو مستودعات أو مراكز توزيع - للقصف. بعضها دمر بالكامل. بينما تعرض البعض للقصف أكثر من مرة أو مرتين.
كانت الغالبية العظمى من تلك المباني تستخدم كملاجئ للعائلات التي أُجبرت على الفرار من منازلها. وقد تسببت تلك الغارات على ملاجئ الأونروا في مقتل ما لا يقل عن 520 شخصا - من بينهم نساء وأطفال - كانوا يحتمون بتلك المباني.
أخبار الأمم المتحدة: هل يمكنك أيضا إخبارنا بالمزيد عن جهود الأونروا لتخفيف الصدمة التي يعاني منها الأطفال في غزة كل يوم؟
جولييت توما: أعتقد أنه لا يوجد شيء أصعب من التحدث عما فعلته هذه الحرب بالأطفال وحياتهم، والتأثير الذي سيتركه كل هذا على مستقبلهم وبالتالي مستقبل المنطقة بأسرها. خلفت الحرب صدمة نفسية هائلة على كل فرد في غزة. والأمر أسوأ بكثير عندما تتحدث عن طفل. الأطفال في حالة صدمة. إنهم يشهدون ما لا يمكن أي طفل في العالم أن يشهده. سرقت منهم طفولتهم وأصبحت غزة بسرعة كبيرة مقبرة للأطفال. إنها الحرب على الأطفال.
أعداد الأطفال القتلى والمصابين - وفقا للمصادر الصحية المحلية - ضخمة للغاية. تم تشريد الكثير منهم. نصف السكان في غزة – أي أكثر من مليون شخص – هم من الأطفال، وهم لا يذهبون إلى المدرسة منذ عام كامل. لقد خسر الأطفال في غزة عاما دراسيا كاملا. وكلما طال هذا الأمر، اقتربنا من فقدان جيل كامل من الأطفال. إن تأثير ذلك هائل، بما في ذلك على استقرار المنطقة.
أخبار الأمم المتحدة: بالانتقال إلى الضفة الغربية، وفقا للأمم المتحدة، تصاعد قتل الأطفال هناك بشكل حاد منذ تشرين الأول/أكتوبر الماضي، بمتوسط قتل طفل فلسطيني واحد كل يومين. هل يمكن أن تحدثينا أكثر حول ذلك؟
جولييت توما: لقد رأيت البيان الذي أصدرته وكالتنا الشقيقة، اليونيسف. إنه أمر صادم للغاية. وما يجب أن نتذكره هو أن هذه ليست إحصاءات. هذه هي حيوات الأطفال وقد أُنهيت، بلا داع تماما، وهي نتيجة مباشرة للتصعيد الذي كان يحدث في الضفة الغربية، حتى قبل بدء الحرب في 7 تشرين الأول/أكتوبر. في كثير من الأحيان، ما يحدث هو أن القوات الإسرائيلية تدخل إلى القرى والبلدات الفلسطينية، وتقوم بعمليات أمنية، ونتيجة لذلك، يُقتل المدنيون.
وهذا يشمل أيضا الأطفال. إذا نظرت إلى البيانات، فإن خمس هؤلاء الأطفال قتلوا في الضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر، وقد نبهت الأونروا مرارا وتكرارا أن هناك حربا صامتة تحدث بعيدا عن الأنظار (في الضفة الغربية) حيث إن 1 من كل 5 من القتلى هم أطفال.
أخبار الأمم المتحدة: صحيح أن جميع الأنظار تتجه صوب غزة الآن، ولكن الأونروا تقوم أيضا بالكثير من العمل في الضفة الغربية. ما هي أكثر المخاوف التي تعتريكم الآن بشأن الوضع هناك؟
جولييت توما: تعمل الأونروا في جميع أنحاء المنطقة لتقديم الخدمات للاجئين الفلسطينيين، وغزة هي أكبر عملية إنسانية بالنسبة لنا. وبعد ذلك نقدم خدمات التنمية البشرية في أماكن مثل سوريا ولبنان والأردن والضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية. نواجه سلسلة من التحديات في جميع المجالات بسبب عوامل مختلفة تعترض سبيل تقديم هذه الخدمات.
ظللنا نعمل ليلا ونهارا حتى لا تنقطع الخدمات بسبب نقص التمويل، الذي ظل يمثل تحديا ومشكلة مزمنة بالنسبة للوكالة على مدار العقد الماضي أو أكثر. كما تتذكرون، اعتبارا من كانون الثاني/يناير من هذا العام، قطعت 16 دولة التمويل عن الوكالة. وقد زاد ذلك من الضغط والقلق اللذين تمر بهما الوكالة الآن. لحسن الحظ أن 15 من تلك الدول – أي معظم الدول التي قطعت التمويل – قد أعادت التمويل إلى الوكالة. هناك الحرب نفسها. هناك قيود على التنقل، بما فيها على حركة موظفينا. هناك نقص في التصاريح.
لا تمنح تأشيرات كافية للموظفين الدوليين، أو عندما يحصلون عليها فإنها تكون لفترات قصيرة جدا - لمدة شهر أو شهرين أو ثلاثة أشهر. وهناك أيضا قيود على جلب الإمدادات والسلع عبر الموانئ. هناك أيضا العديد من الجهود والمحاولات التشريعية لمهاجمة الوكالة وتفكيكها، على سبيل المثال، كأن يتم وصفها على أنها منظمة إرهابية.
تخيل أن هذه هي الأمم المتحدة التي توصف بأنها منظمة إرهابية. المعلومات المضللة على وسائل التواصل الاجتماعي وعلى وسائل الإعلام الأخرى والشائعات والمعلومات غير الدقيقة وأطنان من الاتهامات ضد الوكالة التي لا تزال مستمرة.
تعرض حملة التضليل هذه ضد الوكالة زملائي في غزة والضفة الغربية، وبالطبع المنطقة، لخطر جسيم. وهناك أيضا عدة محاولات للاعتداء الجسدي على فرقنا في القدس الشرقية، وفي عدة مناسبات رأينا متطرفين إسرائيليين يحاولون إضرام النار في أحد مكاتبنا في القدس الشرقية.