متوجهة صوب أحد المراكز الصحية كي يحصل ولداها الصغيران وابنتها الرضيعة على التطعيم ضد شلل الأطفال، المرض الذي عاد للظهور في القطاع بعد اختفائه لأكثر من 25 عاما.
الأم الشابة قالت لمراسلنا في غزة، زياد طالب الذي تابع رحلتها من مخيم النزوح وحتى المركز الطبي الذي يوفر التطعيم، إنها سمعت عن انتشار المرض في القطاع، مضيفة "أنا خائفة على أطفالي. وحتى لا يحدث لهم مكروه، سأذهب كي أُطَعِّمهم".
ورغم الصعوبات في التنقل في مكان يعج بالنازحين والسكان، استقلت نورهان وأولادها عربة يجرها حمار للوصول إلى أقرب نقطة لتطعيم أطفالها الثلاثة.
مئات العائلة حذت حذو نورهان فوصلوا منذ الساعات الأولى لبدء الحملة واسعة النطاق للتطعيم ضد شلل الأطفال التي تقوم بها وزارة الصحة الفلسطينية بالتعاون مع وكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونروا) واليونيسف ومنظمة الصحة العالمية.
محمد رجب أحد أولئك الآباء الذين كانوا يصطفون في مركز دير البلح الصحي التابع للأونروا.
وقال محمد وهو يهدهد طفلته بعد أن تلقت التطعيم: "في هذه الأوضاع التي نعيشها والأمراض المنتشرة بين الأطفال، التطعيم له أهمية كبيرة الآن للمحافظة على أطفالنا. وإن شاء الله في أيام الحرب هذه، يعم السلام على الجميع".
التطعيم يسير على ما يرام
داخل مركز دير البلح الصحي التابع للأونروا، كانت المتحدثة باسم الوكالة، لويز ووتريدج تتابع سير عملية التطعيم حيث وصلت مئات الأسر كي يتلقى أطفالها التطعيم.
وقالت ووتريدج لمراسلنا: "موظفونا هنا على استعداد لإعطاء التطعيم لأكبر عدد ممكن من الأطفال على مدى الأيام الثلاثة المقبلة في هذه المرحلة الأولى من حملة التطعيم. حتى الآن، كل شيء يسير وفقا للخطة. الأطفال يصلون، والعائلات هنا، والتطعيمات تسير على ما يرام".
وأضافت المسؤولة الأممية: "التطعيمات محفوظة في صناديق تبريد فردية للحفاظ عليها من حرارة النهار. يبدو أن الهدوء يسود قطاع غزة حتى الآن. الهدنة الإنسانية مستمرة حتى الآن، وهذا ما نحتاجه لتنفيذ حملة التطعيم هذه، وسنرى كيف ستسير الأمور خلال الأيام المقبلة".
"موضوع خطير"
تسير عملية التطعيم على قدم وساق داخل مركز دير البلح كغيره من المواقع الأخرى التي توفر اللقاحات المضادة لشلل الأطفال.
ويحرص العاملون هناك على التأكيد على أن تطعيم شلل الأطفال آمن ولا يسبب ارتفاع درجة حرارة الأطفال، وذلك عبر الإرشادات الشفهية أو الكتيبات التوضيحية أو الملصقات على جدران المركز.
ولا يأتي الآباء والأمهات برفقة أطفالهم فحسب، بل الأجداد والجدات أيضا الحريصون على أن يتلقى أحفادهم اللقاح الحيوي، ومن هؤلاء فريال عبدو التي جاءت مع حفيدتيها كي تتلقيا التطعيم.
وقالت فريال: "هذا أفضل يوم من أجل الأطفال لحمايتهم من الشلل والمرض وفي خضم الحياة التي نعيشها، فكلها تعب وملل وشكوى. ونسأل الله أن يهون علينا الدنيا وتعود الأوضاع كما كانت".
جميع من حمل أطفاله وجاء إلى هذا المركز وغيره يدركون مدى أهمية تطعيم أبنائهم وبناتهم، ومنهم محمد أبو جياب الذي اصطحب أطفاله لمركز دير البلح، والذي أكد أن "موضوع شلل الأطفال موضوع خطير في غزة".
وقال محمد أبو جياب: "لعشرات السنوات لم يكن المرض موجودا بغزة. والآن بسبب الحرب عاد مجددا وتم اكتشافه. وهذا خطر يهدد مئات آلاف الأطفال في القطاع، وأبنائي من هؤلاء. هذا التطعيم مهم جدا، وهذه خطوة مهمة جدا رغم قساوة المشهد الإنساني والأمني في غزة. ولكن يبدو أن هناك من لديه حتى الآن الحرص على حياة الأطفال حتى ولو بقليل من التطعيم المتعلق بشلل الأطفال".