مسؤول أممي: التوسع الاستيطاني في الأرض الفلسطينية المحتلة يغير المشهد ويزيد تعميق الاحتلال
قال المنسق الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط تور وينسلاند إن النشاط الاستيطاني مستمر
والصراع المدمر في غزة متواصل جنبا إلى جنب مع العنف اليومي في الضفة الغربية المحتلة، رغم دعوة قرار مجلس الأمن رقم 2334 إلى الوقف الفوري والكامل لجميع الأنشطة الاستيطانية، واتخاذ خطوات فورية لمنع جميع أعمال العنف ضد المدنيين.
جاء هذا في إحاطته أمام جلسة عقدها مجلس الأمن الدولي اليوم الخميس بشأن تطبيق القرار رقم 2334 لعام 2016. وقال وينسلاند إنه تم تقديم أو الموافقة على نحو 6370 وحدة سكنية وإن عمليات هدم ومصادرة المباني المملوكة للفلسطينيين استمرت في مختلف أنحاء الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية.
وأفاد باستمرار عمليات إخلاء الفلسطينيين من منازلهم في القدس الشرقية، ومغادرة 188 فلسطينيا، بينهم 111 طفلا، مجتمعاتهم في الضفة الغربية بسبب العنف والمضايقات من قِبل المستوطنين وتقلص أراضي الرعي.
لبنان وإسرائيل
وقبل أن يستطرد وينسلاند في حديثه عن الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة، أعرب عن قلقه البالغ إزاء الخطر المتزايد المتمثل في تصعيد إقليمي واسع النطاق. وقال إن سلسلة الانفجارات التي شهدها لبنان والصواريخ التي أطلقت باتجاه إسرائيل في الأيام الأخيرة تزيد من التوتر.
ودعا جميع الأطراف إلى الامتناع عن اتخاذ خطوات من شأنها أن تزيد من تفاقم الوضع واتخاذ خطوات فورية لخفض التصعيد.
إدانة للقتل والإصابة والحرمان
وقدم المبعوث الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط ملاحظات الأمين العام بشأن تطبيق القرار 2334، حيث جدد إدانته بشكل لا لبس فيه للقتل والإصابة على نطاق واسع للمدنيين في غزة، بما في ذلك النساء والأطفال، والحرمان من الضروريات اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
وقال وينسلاند: "لا شيء يمكن أن يبرر العقاب الجماعي للشعب الفلسطيني. أشعر بالقلق إزاء ما قد يرقى إلى مستوى الانتهاكات الخطيرة للقانون الدولي الإنساني، بما في ذلك عدم الامتثال المحتمل لمبادئ التمييز والتناسب والاحتياط".
وشدد على أنه من أجل تلبية الاحتياجات الإنسانية الهائلة وتحسين الظروف التي لا تطاق للمدنيين، يتعين على إسرائيل أن تفتح جميع المعابر المؤدية إلى غزة بالكامل وتيسر التسليم الفوري والآمن وغير المقيد للمساعدات الإنسانية على نطاق واسع مباشرة إلى السكان المدنيين الفلسطينيين في جميع أنحاء قطاع غزة وفقا لالتزاماتها بموجب القانون الدولي الإنساني.
وجدد إدانته بشدة للهجمات المروعة التي شنتها حماس وغيرها من الجماعات المسلحة الفلسطينية في إسرائيل في 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023، واستمرار احتجازها للرهائن في غزة، والقتل المتعمد لستة رهائن ظهرت على أجسادهم علامات سوء المعاملة الشديدة.
وجدد وينسلاند الدعوة إلى "وقف فوري لإطلاق النار لإنهاء المعاناة الإنسانية"، داعيا جميع الأطراف إلى مضاعفة الجهود للتوصل إلى اتفاق من شأنه أن يؤدي إلى وقف فوري لإطلاق النار والإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن.
تصعيد مثير للقلق
وأدان المسؤول الأممي بشدة جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، مضيفا أن "تصعيد العنف في الضفة الغربية المحتلة بما في ذلك القدس الشرقية، وإسرائيل أمر مثير للقلق الشديد".
وقال وينسلاند: "تتعرض مخيمات اللاجئين الفلسطينيين لأضرار جسيمة في البنية التحتية أثناء عمليات قوات الأمن الإسرائيلية في جميع أنحاء الضفة الغربية المحتلة. أحث قوات الأمن على ممارسة أقصى درجات ضبط النفس واستخدام القوة المميتة فقط عندما يكون ذلك أمرا لا مفر منه لحماية الأرواح".
وأعرب عن القلق العميق إزاء العدد الكبير من الفلسطينيين، بمن فيهم الأطفال، الذين تحتجزهم قوات الأمن الإسرائيلية، وزيادة عدد الفلسطينيين المحتجزين في الاعتقال الإداري من قِبل إسرائيل منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023.
وأدان الهجمات التي يشنها مستوطنون إسرائيليون ضد الفلسطينيين بما في ذلك على مقربة من قوات الأمن الإسرائيلية وبتواطؤ منها وأحيانا باستخدام أسلحة توزعها الحكومة، ومحاولة حماس تنفيذ هجوم في تل أبيب.
توسع مستمر للمستوطنات
وقال المنسق الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط إن الأمين العام مازال منزعجا بشدة من التوسع المستمر للمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية. وأضاف: "تعمل السياسات والممارسات الإسرائيلية على تغيير الأراضي في الأرض الفلسطينية المحتلة بشكل منهجي، مما يخلق ديناميكيات خطيرة وتهديدا وجوديا لحل الدولتين".
وشدد على أن التوسع الاستيطاني وعنف المستوطنين والخطوات الإدارية الإسرائيلية الأخيرة وإعلانات الأراضي الحكومية واسعة النطاق في الضفة الغربية المحتلة "تغير المشهد بشكل أساسي، وتزيد من تعميق الاحتلال".
وأوضح أن هدم ومصادرة المباني المملوكة للفلسطينيين قد ينطوي على العديد من انتهاكات حقوق الإنسان ويثير المخاوف بشأن خطر النقل القسري.
إرساء الأسس لعملية سياسية
وأعرب المسؤول الأممي عن القلق إزاء الحالات المتعددة التي انخرط فيها مسؤولون في استفزازات خطيرة وتحريض ولغة تحريضية، والتي يجب على الجميع رفضها.
ونقل تقدير الأمين العام العميق لوكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونـروا) وجميع موظفي الأمم المتحدة والعاملين في مجال المساعدات الإنسانية، "الذين يظلون ملتزمين بعملهم في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة على الرغم من المخاطر الأمنية الكبيرة".
وعبر عن القلق العميق إزاء الجهود الرامية إلى تقويض عملهم المنقذ للحياة.
وقال وينسلاند: "لكي نواجه التحديات المقبلة، يتعين علينا أن ننشئ أطرا سياسية وأمنية قادرة على معالجة الكارثة الإنسانية، والبدء في التعافي المبكر، وإعادة بناء غزة، وإرساء الأساس لعملية سياسية لإنهاء الاحتلال وإقامة حل الدولتين".
وشدد على أن التقدم نحو السلام يجب أن يتناول ويحقق بشكل كامل الحق الأساسي والمشروع للفلسطينيين في تقرير المصير والسيادة على كامل الأرض الفلسطينية المحتلة، وأن يتناول أيضا المخاوف الأمنية المشروعة لإسرائيل.
القرار
اعتمد القرار رقم 2334 في 23 كانون الأول/ديسمبر عام 2016 حيث صوت لصالحه آنذاك 14 عضوا من أعضاء المجلس الخمسة عشر، فيما امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت.
وأكد القرار مجددا على أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، ليس له أي شرعية قانونية ويشكل انتهاكا صارخا بموجب القانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل والدائم والشامل.
وكرر مطالبته لإسرائيل بأن توقف فورا وعلى نحو كامل جميع الأنشطة الاستيطانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وأن تحترم جميع التزاماتها القانونية في هذا الصدد احتراما كاملا.
وأكد أنه لن يعترف بأي تغييرات في خطوط الرابع من حزيران/يونيو 1967 بما في ذلك ما يتعلق بالقدس سوى التغييرات التي يتفق عليها الطرفان من خلال المفاوضات. ويدين القرار جميع أعمال العنف ضد المدنيين، بما في ذلك أعمال الإرهاب، وكذلك جميع أعمال الاستفزاز والتحريض والتدمير.
ويشدد على أن وقف جميع أنشطة الاستيطان الإسرائيلية أمر ضروري لإنقاذ حل الدولتين. ويدعو إلى اتخاذ خطوات إيجابية على الفور لعكس مسار الاتجاهات السلبية القائمة على أرض الواقع، التي تهدد إمكانية تطبيق حل الدولتين.