الأمم المتحدة تحذر: الإمدادات تنفد في شمال غزة والوصول الإنساني شبه منعدم
أمام مجلس الأمن الدولي قالت مسؤولة أممية رفيعة المستوى إن مستوى المعاناة في غزة يتحدى القدرة على الوصف والاستيعاب
وأكدت ضرورة ضمان المساءلة عن ارتكاب الجرائم الدولية وإنهاء الفظائع. ودعت جميع الدول إلى استخدام نفوذها لضمان احترام القانون الدولي الإنساني.
في اجتماع عقده حول الوضع في الشرق الأوسط بما فيه القضية الفلسطينية، استمع مجلس الأمن الدولي إلى إحاطة عن الوضع في غزة من جويس مسويا القائمة بأعمال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية.
قالت المسؤولة الأممية: "خلال أسبوع واحد، أفادت التقارير بمقتل نحو 400 فلسطيني في غزة وإصابة ما يقرب من 1500 بجراح. وشاهد العالم صور المرضى والنازحين، المقيمين قرب مستشفى الأقصى، يحترقون وهم أحياء".
وأضافت أن العشرات، منهم نساء وأطفال، يعانون من آلام مبرحة بسبب حروق شديدة ستغير حياتهم، بدون وجود وسيلة لحصولهم على الرعاية العاجلة التي يحتاجونها للبقاء على قيد الحياة والتعامل مع هذه الإصابات.
وتساءلت قائلة "إذا لم يوقظ مثل هذا الرعب شعورنا بالإنسانية ويدفعنا للعمل، ما الذي يمكن أن يفعل ذلك؟".
شمال غزة
وتحدثت عن تكثيف العملية العسكرية الإسرائيلية في شمال غزة، واستمرار ورود تقارير عن القتال العنيف في جباليا وما حولها، الواقعة تحت الحصار، والإطلاق العشوائي للصواريخ من جماعات فلسطينية مسلحة باتجاه إسرائيل.
ومنذ بداية الشهر الحالي، تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 55 ألف شخص شُردوا من منطقة جباليا، فيما يظل آخرون عالقين في منازلهم في ظل نفاد المياه والغذاء.
وقالت المسؤولة الأممية إن 13 فردا من أسرة قُتلوا أمس بعد أن مُنع عمال الإنقاذ مرة أخرى من الوصول إلى المصابين تحت الركام الذين كانوا يناشدون المساعدة بعد قصف منزلهم.
لمحة عن العمل الإنساني
وقالت المسؤولة الأممية إن 3 مستشفيات فقط من بين 10 في محافظة شمال غزة ما زالت تعمل وإن كان ذلك بالطاقة الأدنى. وتطرقت إلى تمكن فريق أممي مع منظمة غير حكومية دولية وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني من الوصول إلى مستشفيي كمال عدوان والصحابة شمال القطاع يوم السبت الماضي بعد 9 محاولات منفصلة تم رفضها أو أعيقت من جانب القوات الإسرائيلية.
وذكرت أن هذه المهمات تمت في ظل أعمال قتالية عنيفة وأن السائقين من الأمم المتحدة والهلال الأحمر الفلسطيني تعرضوا لمعاملة مهينة أثناء الفحص الأمني والاحتجاز المؤقت عند نقطة تفتيش. وقالت إن العاملين الطبيين تمكنوا من إبقاء طفل على قيد الحياة بضخ الأكسجين يدويا لأكثر من 7 ساعات حتى تخطوا نقطة التفتيش.
وأضافت أن ذلك يعطي لمحة عن العمل اليومي لعمال الإغاثة في غزة.
المساعدات تنفد والوصول شبه منعدم
وأفادت جويس مسويا بعدم دخول مساعدات غذائية إلى شمال غزة في الفترة من الثاني وحتى الخامس عشر من الشهر الحالي، عندما سُمح بدخول كميات قليلة للغاية فيما تنفد الإمدادات الأساسية اللازمة للبقاء على قيد الحياة.
وقالت: "لم يتبق تقريبا أي طعام لتوزيعه ومعظم المخابز ستضطر إلى التوقف عن العمل مرة أخرى خلال الأيام القليلة المقبلة بدون توفر وقود إضافي. بالنظر إلى الظروف المزرية والمعاناة التي لا تُطاق في شمال غزة، فإن حقيقة شبه انعدام الوصول الإنساني، أمر غير مقبول".
وتطرقت المسؤولة الأممية إلى تنفيذ الجولة الثانية من حملة التطعيم ضد شلل الأطفال في غزة، وتلقي ما يقرب من 157 ألف طفل تحت سن العاشرة التحصين يومي الاثنين والثلاثاء. وقالت إن الحملة أكدت مرة أخرى الدور الحيوي لوكالة الأونـروا التي قامت فرقها بتطعيم 43% من الأطفال الذين تم الوصول إليهم خلال اليوم الأول للجولة الثانية للحملة.
معاناة تتحدى الوصف
وقالت القائمة بأعمال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة "إن مستوى المعاناة في غزة يتحدى قدرتنا على وصفه بالكلمات أو استيعاب نطاقه. الواقع قاس في غزة ويتدهور يوما بعد الآخر فيما يستمر سقوط القنابل والقتال العنيف بلا هوادة ويتم حجب الإمدادات الأساسية لبقاء الناس".
وشددت على ضرورة احترام القانون الدولي الإنساني، وأن يبذل مجلس الأمن وكل الدول الأعضاء نفوذهم لضمان ذلك. وأكدت أهمية حماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية سواء بقوا في أماكنهم أو تنقلوا، وتيسير العمليات الإنسانية، وحماية المستشفيات والعاملين الطبيين، والإفراج الفوري عن الرهائن- وحتى ذلك الوقت السماح للجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارتهم، ووقف الإطلاق العشوائي للصواريخ باتجاه إسرائيل، واحترام التدابير المؤقتة وقرارات مـحكمة العدل الدولية.
وقالت: "يجب ضمان المساءلة عن الجرائم الدولية. يجب أن تنتهي الفظائع في غزة، ولكن لا يمكن تحقيق ذلك عبر الكلمات، بل يتعين أن يتحق عبر العمل، العمل العاجل والحاسم". وجددت الدعوة لبذل جهود دبلوماسية من المجتمع الدولي لتهدئة الوضع وضمان احترام القانون الدولي والتوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة والاتفاق على مسار نحو السلام المستدام.
توسيع نطاق المساعدات وأهمية القطاع الخاص
في مؤتمر صحفي بمقر الأمم المتحدة شدد سكوت أندرسون مدير عمليات وكالة الأونروا في غزة على الحاجة لتوفير بيئة مواتية لإدخال المساعدات على نطاق واسع لدعم سكان القطاع بما يشمل "ما بين 250 و300 شاحنة يوميا في الجنوب، وما بين 30 و40 يوميا في الشمال". وذكر أن 12 شاحنة فقط محملة بالغذاء تمكنت من الوصول إلى شمال غزة منذ 30 أيلول/سبتمبر.
وشدد على أهمية السماح بدخول شاحنات القطاع الخاص إلى غزة، وقال: "الأمور التي لا تعمل بها الأمم المتحدة، يقوم بها القطاع الخاص بشكل جيد للغاية. نحن لا نجلب الخضراوات والفاكهة الطازجة، لا نجلب البيض أو اللحم. نحن نجلب السلع الأساسية الكبيرة، وهذه هي القيمة المضافة التي نقدمها، والقيمة التي يقدمها القطاع الخاص".
ومع اقتراب فصل الشتاء، قال مسؤول وكالة إغاثة وتشغيل لاجئي فلسطين (الأونـروا) إن هناك الكثير من العمل الذي يتعين إنجازه لضمان سلامة وحماية الأسر. وفسر ذلك بالقول: "هناك أمور بسيطة مثل إصلاح الطرق، وجمع القمامة، وتوزيع الخيام. ولكن كل ذلك يعتمد على قدرتنا على إدخال الإمدادات بالحجم المطلوب. نحتاج القماش المشمع والخيام والبطانيات والمراتب والملابس".
وأشار إلى توقف الاستيراد في غزة للقطاع التجاري والخاص منذ نحو عام، وقال للصحفيين عن الاحتياج إلى ملابس شتوية للأطفال على سبيل المثال: "كما تعلمون فإن أجسام الأطفال الصغار تتغير بسرعة في هذه المرحلة العمرية، لذا هناك احتياج لإيجاد طرق لجلب مثل هذه السلع إلى الأسواق أو إلى الناس كي نضمن شعور الأطفال بالدفء".
وحول الإمدادات الغذائية، قال نائب منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة إن هناك 100 ألف طن متري من الغذاء لدى برنامج الأغذية العالمي والأونروا بانتظار إدخالها إلى غزة، بما يكفي احتياجات السكان لمدة ثلاثة أو أربعة أشهر.
وأضاف: "الإمدادات موجودة والاستعداد موجود ولكن البيئة غير متوفرة للأسف". وقال إن الأمم المتحدة تنسق عن كثب مع الجيش الإسرائيلي لمحاولة توفير هذه البيئة، وإن العاملين في المجال الإنساني قد وصلوا إلى نقطة تحول في غزة بشأن قدرتهم على مواصلة محاربة المجاعة الكامنة من صنع البشر.