بيان صحفي

المحاسبة وحقوق الإنسان ركيزة للسلام العادل في الأرض الفلسطينية المحتلة

٢٩ يناير ٢٠٢٥

مع عودة مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال غزة، يستمر العنف والنزوح في غزة والضفة الغربية، ما يزيد المخاوف بشأن انتهاكات القانون الدولي ويجدد الدعوات للوقف الفوري لكل أعمال العنف وللمحاسبة. 

على طرق العودة في غزة

تزامناً مع عودة مئات الآلاف من الفلسطينيين إلى شمال غزة، يؤكد مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان على حق الفلسطينيين في الأمان والحماية والكرامة أثناء عودتهم إلى ما تبقى من منازلهم.

رحلة العودة صعبة حيث يعجز الكثيرون عن تحمل تكاليف وسائل النقل ما يضطرهم إلى السير لمسافات طويلة مع انعدام شبكات الاتصال وعدم توفر مرافق صحية. وتزداد المشقة بشكل خاص على الفئات الأكثر ضعفاً والعائلات التي تساندهم، كالأطفال والنساء الحوامل وكبار السن وذوي الإعاقة المضطرون للسير دون المساعدة المناسبة. كما تثير التقارير المتواترة القلق إزاء تزايد حالات انفصال الأطفال عن أسرهم أثناء التنقل.

بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، فإن على إسرائيل التزاماً بتوفير المأوى والطعام والرعاية الطبية، كما يتوجب عليها استعادة والحفاظ النظام العام والحياة المدنية الطبيعية للفلسطينيين. كما يُحظر على إسرائيل ترحيل الفلسطينيين قسراً خارج الأرض الفلسطينية المحتلة أو نقلهم قسرياً في الداخل.  

استمرار القتل في "المناطق العازلة"

إن استمرار قتل الفلسطينيين منذ بداية وقف إطلاق النار حول ما يسمى بالـ"مناطق العازلة" والتي لم يتم تحديدها أو الإعلان عنها بشكل واضح هو أمر يثير القلق البالغ، لا سيما بالقرب من محوري نتساريم وفيلادلفيا وعلى طول السياج الشرقي.

وقد قتلت القوات الإسرائيلية ما لا يقل عن 14 فلسطينياً بينهم طفلان وفتاة منذ بدء وقف إطلاق النار في 19 كانون الثاني/يناير معظمهم حول تلك "المناطق العازلة" حسبما أفادت التقارير. من بين الضحايا شقيقان فلسطينيان، أحدهما طفل، قُتلا أثناء تفقد منزلهما في رفح خارج تلك المناطق بحسب تقارير. 

تظل مبادئ القانون الإنساني الدولي المتعلقة بالتمييز والتناسب واتخاذ الاحتياطات مُلزمة للقوات الإسرائيلية، بالإضافة إلى قواعد قانون حقوق الإنسان الدولي التي تنطبق على عمليات إنفاذ القانون. كما يتوجب على القوات الإسرائيلية أيضاً اتخاذ خطوات فورية عاجلة لضمان أن قواعد الاشتباك تمنع المزيد من القتل غير القانوني للمدنيين.

عنف متزايد في الضفة الغربية

هناك أيضاً حاجة عاجلة للمساءلة والالتزام بالقانون الدولي في الضفة الغربية حيث تتطور عملية واسعة النطاق تلقي بآثار مدمرة على الفلسطينيين من حيث العنف والنزوح القسري. فقد قتلت القوات الإسرائيلية 20 فلسطينياً في الضفة الغربية منذ 19 كانون الثاني/يناير بينهم فتى يبلغ من العمر 16 عاماً في القدس الشرقية يوم الاثنين.

عملية دامية في جنين

استمرت عملية إسرائيلية دامية في جنين منذ 21 كانون الثاني / يناير، امتدت هذا الأسبوع الى طولكرم. وقد قتلت القوات الإسرائيلية خلال هذه العملية ما لا يقل عن 18 فلسطينياً، معظمهم عُزّل بحسب التقارير، ومن بينهم طفلة تبلغ من العمر عامين قُتلت في منزلها برصاص القوات الإسرائيلية يوم السبت. 

بعد أسابيع من الحصار واستخدام القوة الذي مارسته كل من القوات الإسرائيلية والفلسطينية، أُجبرت 3000 عائلة من مخيم جنين على النزوح، يمثلون حوالي 80% من سكان المخيم، بينما تعيش العائلات المتبقية في خطر كبير، وفي ظل انقطاع المياه والكهرباء وخدمات أساسية أخرى. 

وتُظهِر مقاطع فيديو متداولة على الإنترنت وفي وسائل الإعلام أدلة على استهداف قوات الأمن الإسرائيلية لفلسطينيين لا يشكلون تهديداً للحياة أو السلامة. ويمثل استخدام التكتيكات والأسلحة الخاصة بالحروب، مثل الغارات الجوية، في الضفة الغربية التي لا تشهد أعمالاً عدائية نشطة انتهاكاً لمعايير حقوق الإنسان الدولية الحاكمة لعمليات إنفاذ القانون.

وقد وسعت القوات الإسرائيلية ظهر يوم الاثنين العملية لتمتد إلى طولكرم ومخيميّ اللاجئين فيها، حيث تفيد التقارير بوقوع المزيد من تدمير البنية التحتية والطرق. وفقاً لمعلومات مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، أُجبرت عدة عائلات فلسطينية بالفعل على مغادرة منازلها خلال تنفيذ العملية دون مأوى بديل خلال فصل الشتاء.

استمرار القيود على الحركة والمداهمات

بالإضافة إلى ذلك، استمرت القوات الإسرائيلية في مداهمة المجتمعات الفلسطينية بما في ذلك الخليل ونابلس وبيت لحم. كما استُهدفت منازل محتجزين فلسطينيين ممن أطلق سراحهم كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار في محاولة لمنع أي "مظاهر للفرح."

وتستمر القيود الخانقة على حرية تنقل الفلسطينيين لليوم العاشر على التوالي، ما يمزق المجتمعات ويشل الحياة اليومية.

حقوق الإنسان أساسية في طريق المستقبل

يعطي استمرار تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار أملاً في نهاية فظائع الأشهر الـ 15 الماضية. يجب على إسرائيل والجماعات المسلحة الفلسطينية بذل كل ما في وسعها لضمان استدامة وقف إطلاق النار حتى يمكن التعامل مع الاحتياجات الهائلة للحماية والإغاثة الإنسانية في غزة والبدء في عملية التعافي وإعادة الإعمار القائمة على حقوق الإنسان. 

يتطلب هذا الهدف التزاماً صارماً بالقانون الدولي خلال هذه المرحلة الحرجة. كما يجب على المجتمع الدولي أيضاً إعطاء الأولوية للمساءلة عن الجرائم التي ارتُكبت بموجب القانون الدولي خلال الـ 15 شهراً الماضية لتيسير العدالة وجبر الضرر للضحايا.

من أجل ضمان عدم التكرار، يجب معالجة الأسباب الجذرية للنزاع على أساس القانون الدولي، ولا سيما حقوق الإنسان. ويتضمن ذلك إنهاء الوجود الإسرائيلي غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة وضمان المساءلة كركيزة لسلام عادل ودائم يلبي حقوق الفلسطينيين والإسرائيليين.

أجيث سنغهاي

أجيث سنغهاي

المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان
مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان
أجيث سنغهاي هو مدير مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة، ولديه خبرة تمتد ل 22 عاما في الأمم المتحدة، فهو قبل توليه رئاسة مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، عمل قائداً لفريق السلام والأمن في أفريقيا وآسيا في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في نيويورك. وقبل ذلك، قاد أعمال العناية الواجبة بحقوق الإنسان في نيويورك، بعد أن كان رئيسًا لفريق مجموعة إسرائيل/فلسطين في قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في المقر الرئيسي في جنيف. وقبل توليه قيادة المجموعة، عمل في قسم آسيا والمحيط الهادئ في جنيف، حيث غطى عددًا من البلدان في المنطقة.
عمل في فلسطين كمسؤول عن حقوق الإنسان في مكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان في رام الله في الفترة بين 2008 و2010. أما في الفترة من 2001 حتى 2007 فقد شغل مناصب ميدانية مع مكتب المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في السودان وإريتريا وسيراليون وغانا. وهو مختص بالقانون الدولي، وحاصل على درجة الماجستير في القانون من جامعة أكسفورد بالمملكة المتحدة وماجستير الآداب في العلاقات الدولية والحرب المعاصرة من كلية كينجز بجامعة لندن بالمملكة المتحدة.

كيانات الأمم المتحدة المشاركة في هذه المبادرة

المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان

الأهداف التي ندعمها عبر هذه المبادرة