الأونروا: اقتحام مركز قلنديا "غير مسبوق" وما من بدائل لخدماتنا التعليمية والصحية في الضفة الغربية وغزة

جدد مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية التأكيد على أن اقتحام منشآت الوكالة يمثل "انتهاكا خطيرا لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة".
في أعقاب اقتحام القوات الإسرائيلية مركز قلنديا للتدريب التابع للأونروا، يوم أمس الثلاثاء، جدد مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية التأكيد على أن اقتحام منشآت الوكالة يمثل "انتهاكا خطيرا لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة". ووصف المسؤول الأممي الحادثة بأنها تطور "غير مسبوق" الأمر الذي أثر على مئات الشباب الذين يتلقون التدريب في مركز التدريب المهني.
يأتي هذا الحادث في أعقاب اعتماد الكنيست الإسرائيلي قانونين، من شأن أحدهما أن يوقف عمل الأونروا في الأرض الفلسطينية المحتلة، فيما يحظر الآخر على المسؤولين الإسرائيليين التواصل مع الوكالة.
وقال المسؤول في الأونروا رولاند فريدريك إن هذه القوانين تتعارض مع الالتزامات الدولية لإسرائيل وتعيق قدرة الأونروا على التنسيق مع السلطات الإسرائيلية، وخاصة فيما يتعلق بقضايا الوصول والحماية في الضفة الغربية. وقد أصبح هذا العجز عن التنسيق مشكلة، خاصة مع نزوح 40 ألف فلسطيني مؤخرا بسبب العمليات العسكرية الإسرائيلية.
وأكد التزام وكالة الأونروا بمواصلة خدماتها، بما فيها التعليم لخمسين ألف طفل والرعاية الصحية لنصف مليون مريض في الضفة الغربية، وبرامج التعليم الطارئة لنحو مائتي ألف طفل في غزة. وأكد فريدريك على عدم وجود بدائل لمرافق الأونروا، وخاصة مركز تدريب قلنديا.
وأضاف قائلا: "هناك أمر واحد واضح للغاية، لا يوجد بديل لهذه الخدمات الشبيهة بالخدمات الحكومية في الضفة الغربية التي تقدمها الأونروا قبل إنشاء دولة فلسطينية". كما سلط الضوء على تأثير العمليات الإسرائيلية المستمرة على وصول الأطفال إلى التعليم.
المزيد من التفاصيل في الحوار التالي الذي أجريناه عبر الفيديو مع السيد رولاند فريدريك مدير شؤون الأونروا في الضفة الغربية.
أخبار الأمم المتحدة: دخلت قوات إسرائيلية وموظفون من بلدية القدس عنوة إلى مركز قلنديا للتدريب التابع للأونروا وأمروا بإخلائه فورا. هل يمكنك أن تشرح لنا ما حدث؟
رولاند فريدريك: ما حدث صباح أمس كان أمرا غير مسبوق. دخلت قوات الأمن الإسرائيلية، برفقة أفراد من البلدية، مركزنا للتدريب في قلنديا بالقوة وأمروا بإغلاقه. يقدم مركز التدريب المهني تدريبا لأكثر من 350 شابا فلسطينيا من جميع أنحاء الضفة الغربية. يقع المركز في منطقة تعتبرها إسرائيل جزءا من أراضيها السيادية. ووفقا للقانون الدولي، فهي أرض محتلة.
بعد حوالي ثلاث ساعات من النقاش، غادرت قوات الأمن الإسرائيلية وممثلو البلدية، وتمكنا من استئناف التعليم في ذلك المكان. لكنه أمر غير مسبوق. إنها المرة الأولى التي يتم فيها دخول منشأة تعليمية في القدس الشرقية بالقوة من قبل قوات الأمن الإسرائيلية. وفي الوقت نفسه، صباحا، قام موظفون من الحكومة الإسرائيلية بزيارات لثلاث مدارس في القدس الشرقية المحتلة وهددوا بإغلاقها، وطلبوا معلومات إضافية، وفي إحدى الحالات، حضرت الشرطة.
ومرة أخرى، هذا انتهاك آخر لامتيازات وحصانات الأمم المتحدة. على سبيل المثال، أقر الكنيست الإسرائيلي العام الماضي قانونين غير مسبوقين يسعيان إلى حظر أو تقييد عملياتنا، بشدة، في الأرض الفلسطينية المحتلة. أحد القوانين يحظر تحديدا عملياتنا في القدس الشرقية، والثاني يضع سياسة عدم التواصل التي تجعل من الصعب للغاية علينا الاستمرار في تقديم خدماتنا في الضفة الغربية وقطاع غزة. لكن الحادث الذي وقع أمس كان في القدس الشرقية المحتلة وبالتالي يغطيه القانون الأول الذي أقره الكنيست الإسرائيلي في أواخر العام الماضي، والذي دخل حيز التنفيذ الكامل في 30 كانون الثاني/يناير.
أخبار الأمم المتحدة: ذكرت أن الطلاب تمكنوا من العودة إلى المدارس، هل عاد الوضع إلى طبيعته الآن؟
رولاند فريدريك: استأنف مركز التدريب في قلنديا أنشطته اليوم الأربعاء. لقد كانت تجربة صادمة حيث إن قوات الأمن التي تحمل السلاح دخلت هذه المنشأة. بالطبع، أصاب الخوف موظفينا وطلابنا. لكن لحسن الحظ، تمكنا من استئناف العمليات اليوم. فيما يتعلق بالمدارس الثلاث في القدس الشرقية، إحدى هذه المدارس كان لابد من إخلائها أمس لأن الطلاب والموظفين كانوا خائفين. لكننا تمكنا من استئناف الأنشطة التعليمية في جميع المدارس الثلاث اليوم.
أخبار الأمم المتحدة: كم عدد الأطفال المتأثرين بهذه الإجراءات الإسرائيلية؟
رولاند فريدريك: هذه الإجراءات تؤثر تحديدا على 600 طالب - حوالي 250 طالبا في هذه المدارس الثلاث الموجودة داخل ما يسمى بالجدار العازل و 350 متدربا في مركز التدريب المهني على الجانب الفلسطيني من الجدار العازل.
أخبار الأمم المتحدة: ما هو السبب المعلن لإغلاق المدارس من قبل إسرائيل؟
رولاند فريدريك: في 30 كانون الثاني/يناير، كما قلت سابقا، دخل القانونان الإسرائيليان حيز التنفيذ الكامل. وبصورة عامة، فإن الصورة الكاملة للخدمات التي نقدمها في القدس الشرقية المحتلة كما يلي: هناك ست مدارس إجمالا، ثلاث داخل الجدار، وثلاث في مخيم شعفاط للاجئين على الجانب الفلسطيني من الجدار. هناك مركزان صحيان، أحدهما في البلدة القديمة في القدس والآخر في مخيم شعفاط للاجئين، بالإضافة إلى مركز التدريب المهني في قلنديا.
وأخيرا، هناك مقرنا الرئيسي في الشيخ جراح. عندما دخلت مشاريع القانونين حيز التنفيذ، واصلنا تقديم خدماتنا للمرضى والأطفال. بشكل عام، في القدس الشرقية، لدينا ما يقرب من 850 طفلا في المدرسة، بالإضافة إلى 350 متدربا.
نحن نخدم حوالي 70 ألف مريض، في كل من البلدة القديمة في القدس الشرقية وفي مخيم شعفاط للاجئين. كما نقوم أيضا بجمع القمامة في مخيم شعفاط. هذه هي الخدمات الأساسية وهذه الخدمات الأساسية مستمرة في الوقت الحالي ونحاول تقديمها قدر الإمكان. أما بالنسبة لمقرنا الرئيسي في القدس الشرقية، فقد طلبنا من الموظفين عدم العمل من هناك. وأخرجنا بعض الأصول القيمة قبل 30 كانون الثاني/ يناير لأن هناك سجلا حافلا بالحوادث الأمنية في تلك المنشأة.
على مدى الـ 12 شهرا الماضية، شهدنا اعتداءات وهجمات وترهيبا وتخريبا متكررا، وست حالات حرق متعمد ضد ذلك المجمع، وبعد أن تم اعتماد مشروعي القانونين رسميا في 29 تشرين الأول/أكتوبر من العام الماضي، رأينا زيادة أخرى في الحوادث بشكل عام بسبب أعمال التخريب هذه ومحاولات أيضا لدخول المنشآت. حدثت أضرار مادية تقدر بحوالي 20 ألف دولار. لم يكن الوضع آمنا بدرجة كافية كي نطلب من الزملاء العمل من هناك.
أخبار الأمم المتحدة: ماذا تعني هذه الحوادث بالنسبة لالتزامات إسرائيل الدولية؟
رولاند فريدريك: من الواضح أن هذه القوانين تتعارض مع التزامات إسرائيل كدولة عضو. يحتوي مـيثاق الأمم المتحدة على أحكام واضحة للغاية وما هو متوقع من دولة عضو. إسرائيل طرف في اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها والتي تنص بطبيعة الحال على الالتزام بحماية منشآت الأمم المتحدة وضمان احترام الامتيازات والحصانات، وتمديد التأشيرات وما إلى ذلك. وأعتقد أن هذا يمثل إشكالية كبيرة من حيث ما يقوله القانون الدولي، وكذلك فيما يتعلق بعملنا على الأرض.
تأثير آخر لهذه القوانين كان - على وجه الخصوص بسبب سياسة عدم التواصل - أنه في الضفة الغربية وكذلك قطاع غزة، لم نعد قادرين على التنسيق مباشرة مع المسؤولين الإسرائيليين، وخاصة الجيش الإسرائيلي. هذا يعني في الوقت الحالي أننا لا نستطيع التحدث معهم. لا يمكننا التنسيق فيما يتعلق بآليات الإخطار الإنساني. لا يمكننا إثارة قضايا تتعلق بمنشآتنا. لم نعد قادرين على معالجة قضايا الوصول بشكل مباشر. هذا يشكل عائقا كبيرا.
في الضفة الغربية، كان لدينا، ولأكثر من 20 عاما، آلية جيدة للغاية بشأن التنسيق المدني- العسكري، وقد سمح لنا ذلك بالقيام بعملنا بفعالية كبيرة منذ بداية الحرب في قطاع غزة في 7 تشرين الأول/أكتوبر. على سبيل المثال، قمنا، بالتنسيق مع الجيش الإسرائيلي، بإجلاء 25 مدرسة في مخيمات اللاجئين في شمال الضفة الغربية. هذا لم يعد ممكنا.
والأمر أكثر إشكالية لأن لدينا الآن وضعا غير مسبوق للنزوح القسري في شمال الضفة الغربية، مع نزوح أكثر من 40 ألف شخص بسبب العمليات المكثفة لقوات الأمن الإسرائيلية منذ 21 كانون الثاني/يناير. وهذا لم يحدث قط في تاريخ الضفة الغربية منذ الاحتلال الإسرائيلي الذي بدأ عام 1967. نزوح 40 ألف شخص، وتدمير غير مسبوق للملاجئ والبنية التحتية العامة في مخيمات اللاجئين هناك. إنه وضع مقلق للغاية لأن العملية الإسرائيلية هناك مستمرة. وفي الماضي، كنا قادرين على معالجة جميع المخاوف المتعلقة بالوصول والحماية مباشرة مع الجيش الإسرائيلي. الآن، لم نعد قادرين على فعل ذلك.
أخبار الأمم المتحدة: بالنظر إلى تكرار مثل هذه الإجراءات، ما هي الخطوة التالية للأونروا مع الأخذ في الاعتبار أن الوكالة لديها تفويض من الجمعية العامة للأمم المتحدة؟
رولاند فريدريك: هذا صحيح تماما. لدينا تفويض واضح للغاية. نحن ملتزمون بمواصلة تقديم خدماتنا بأكبر قدر ممكن من الفعالية، لأطول فترة ممكنة، وأينما كان ذلك ممكنا، لأن لدينا التزاما هنا. على سبيل المثال، في الضفة الغربية، ندير 96 مدرسة تضم أكثر من 50 ألف طالب.
هذا العام، زاد عدد الطلاب المسجلين للذهاب إلى مدارس الأونروا في الضفة الغربية بسبب التدهور الاجتماعي والاقتصادي للوضع على الأرض. نحن نقدم الرعاية الصحية الأولية لنصف مليون مريض. ندير 43 مركزا صحيا ومستشفى على الأرض.
نحن نقدم في الوقت الحالي مساعدات نقدية وخدمات إغاثية لأكثر من 200 ألف فلسطيني ضعيف، بعضها بتنسيق وثيق مع وكالات الأمم المتحدة الأخرى. لذلك لدينا تفويض لمواصلة القيام بذلك، ونحن ملتزمون بالقيام بذلك طالما استطعنا.
أخبار الأمم المتحدة: أكدت الأونروا ضرورة الحفاظ على وصول الأطفال إلى التعليم وحماية منشآت الأمم المتحدة. هل لدى الوكالة أي خطط بديلة لتمكين هؤلاء الأطفال من مواصلة تعليمهم؟
رولاند فريدريك: أعتقد أننا بحاجة إلى التمييز بين القدس الشرقية وبقية الضفة الغربية لأن الوضع هناك مختلف قليلا في القضايا المتعلقة بالمدارس التي نديرها والأماكن التي ندير فيها هذه المدارس.
هناك بدائل قليلة جدا، إن وجدت. وبالتأكيد لا يوجد بديل لمركز تدريب قلنديا حيث نقدم هذا التدريب المهني للمتدربين البالغ عددهم 350 الذين سيأتون من الضفة الغربية. هذه هي منشأة التدريب التي تديرها الأونروا منذ الخمسينيات. ولا يوجد بديل لهذه المنشآت. عندما ننظر إلى الوضع في الضفة الغربية بسبب العملية الإسرائيلية الجارية، هناك تأثير مباشر للغاية على قدرة الأطفال على الوصول إلى التعليم. بسبب النزوح في شمال الضفة الغربية وبسبب العمليات الجارية، هناك 13 مدرسة في أربعة مخيمات لاجئين لا تعمل منذ 21 كانون الثاني/يناير.
هذا يعني حوالي 5,000 طفل لا يستطيعون الوصول إلى التعليم الآن وهم نازحون ويقيمون مع عائلاتهم. نحاول توفير وسائل تعليم بديلة. لكن من الواضح أن هذا وضع نزوح غير مسبوق. وليس من السهل الوصول إلى جميع الأطفال وعائلاتهم. هم بالطبع مشردون ومصدومون، ونحن قلقون للغاية من عدم وجود مدخل واضح لهذه العملية من شأنه أن يسمح لنا بإعادة فتح المدارس وإعادة الأطفال إلى حيث ينتمون.
أخبار الأمم المتحدة: بالإضافة إلى التأثير المباشر لهذه الحوادث على الأطفال والموظفين، ما الآثار الأوسع نطاقا على التعليم والآثار طويلة الأمد بالنسبة للأطفال في الضفة الغربية، بما في ذلك القدس؟
رولاند فريدريك: بشكل عام، تعتبر الأونروا واحدة من أكبر مزودي التعليم، وهي تفعل ذلك بما يتماشى مع قيم الأمم المتحدة، ومع معايير اليونسكو. ولدينا منهج قوي للغاية في مجال حقوق الإنسان والتسامح، ربما يكون فريدا من نوعه في المنطقة. في قطاع غزة، على سبيل المثال، كنا نقدم التعليم لأكثر من 300 ألف طفل. الآن، هناك 600 ألف طفل خارج التعليم منذ أكثر من عام ونصف، وهم مصدومون بشدة ويعيشون في بؤس. وللجميع مصلحة في ضمان حصول هؤلاء الأطفال على التعليم الجيد في أسرع وقت ممكن.
ونحن ملتزمون بالقيام بذلك إلى أقصى حد ممكن. وفي الواقع، بدأنا برنامج التعليم الطارئ في غزة، ونقوم بتنفيذه الآن. ولدينا أكثر من 200 ألف طفل سجلوا في برامج التعليم الطارئ هذه في غزة. لا يوجد أحد آخر في غزة يمكنه توفير التعليم في الوقت الحالي باستثناء الأونروا.
عندما يتعلق الأمر بالضفة الغربية، كما قلت، هناك 50 ألف طفل في مدارسنا، معظمهم فقراء، ويعيشون في مناطق نزاع، في مناطق بها الكثير من الفقر، وخاصة مخيمات اللاجئين. ونحن مستمرون في تقديم هذه الخدمات وسنفعل ذلك لأطول فترة ممكنة.
وفي الوقت نفسه، نتعاون أيضا بشكل وثيق مع الوكالات الشقيقة في الأمم المتحدة وفريق الأمم المتحدة القُطري على الأرض. نحن أيضا على اتصال وثيق مع السلطة الفلسطينية. ولكن هناك أمر واحد واضح للغاية، لا يوجد بديل لهذه الخدمات الشبيهة بخدمات الحكومة في الضفة الغربية التي تقدمها الأونروا قبل إنشاء دولة فلسطينية.
نحن ملتزمون بتسليم خدماتنا إلى دولة فلسطينية كجزء من عملية سياسية بمجرد وجود هذه المؤسسات وإنشائها. وهذا ما نعمل على تحقيقه. لذلك من الواضح أنه لا يمكنك فصل مستقبل الأونروا عن حل عادل ومنصف لمحنة اللاجئين الفلسطينيين وإنشاء دولة فلسطينية.