الأمم المتحدة: معاناة لا تُحتمل في غزة بعد تجدد الغارات الجوية واستمرار منع المساعدات

أعرب الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش عن الصدمة إزاء الغارات الجوية الإسرائيلية على غزة، والتي أودت بحياة عدد كبير من المدنيين.
وفي بيان منسوب لنائب المتحدث باسم الأمم المتحدة فرحان حق أصدره اليوم الثلاثاء، ناشد أمين عام الأمم المتحدة بقوة احترام وقف إطلاق النار، وإعادة إيصال المساعدات الإنسانية دون عوائق، وإطلاق سراح الرهائن المتبقين دون شروط.
مأساة أخرى
بدوره، قال مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك إنه يشعر بالفزع إزاء الغارات الجوية والقصف الإسرائيلي على غزة الليلة الماضية، والذي أسفر عن مقتل المئات، وفقا لوزارة الصحة في القطاع، مضيفا أن هذا سيزيد مأساة أخرى.
وأضاف في بيان أصدره اليوم الثلاثاء أن الأشهر الثمانية عشر الماضية من العنف أوضحت بجلاء أنه لا يوجد طريق عسكري للخروج من هذه الأزمة. وقال إن السبيل الوحيد للمضي قدما هو تسوية سياسية، بما يتماشى مع القانون الدولي.
ولفت إلى أن لجوء إسرائيل إلى المزيد من القوة العسكرية لن يؤدي إلا إلى زيادة معاناة الشعب الفلسطيني الذي يعاني بالفعل من ظروف كارثية.
وقال تورك إنه يجب أن ينتهي هذا الكابوس فورا، وإنه يجب إطلاق سراح الرهائن فورا ودون قيد أو شرط، وإنه ينبغي إطلاق سراح جميع المعتقلين تعسفيا فورا ودون قيد أو شرط.
وأضاف يجب أن تنتهي الحرب نهائيا، داعيا جميع الأطراف المؤثرة على بذل كل ما في وسعها لتحقيق السلام وتجنب المزيد من معاناة المدنيين.
أمر غير مقبول
منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأرض الفلسطينية المحتلة، مهند هادي قال إن قطاع غزة شهد منذ ساعات الصباح الأولى اليوم الثلاثاء موجة من الغارات الجوية، وإن التقارير الأولية وغير المؤكدة تشير إلى مقتل المئات، مضيفا "هذا أمر غير مقبول".
ودعا في بيان أصدره اليوم إلى ضرورة إعادة وقف إطلاق النار فورا.
وقال هادي إن سكان غزة تحملوا معاناة لا توصف، مشددا على أن إنهاء الأعمال العدائية، واستمرار المساعدات الإنسانية، وإطلاق سراح الرهائن، واستعادة الخدمات الأساسية وسبل عيش الناس، هي السبيل الوحيد للمضي قدما.
مجلس الأمن
أمام مجلس الأمن الدولي، قال منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة إن "أسوأ مخاوفنا تحققت" خلال ساعات الليل في غزة حيث استؤنفت الغارات الجوية في جميع أنحاء القطاع مع "ورود تقارير غير مؤكدة عن مقتل مئات الأشخاص وأوامر إخلاء جديدة أصدرتها القوات الإسرائيلية".
وأضاف المسؤول الأممي أن سكان غزة " يعيشون مجددا في خوف شديد". كان وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية توم فليتشر يتحدث في اجتماع لمجلس الأمن - كان مقررا سابقا بطلب من الجزائر والصومال لبحث الوضع في الأرض الفلسطينية المحتلة.
بالإضافة إلى الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن، تحدث أمام الاجتماع مندوبو فلسطين وإسرائيل وجامعة الدول العربية.
وفي إحاطته لمجلس الأمن عبر تقنية الفيديو اليوم الثلاثاء، قال فليتشر إن المكاسب المتواضعة التي تحققت خلال وقف إطلاق النار تُدمر، مضيفا أن العاملين في المجال الإنساني أثبتوا أنه عندما يُسمح لهم، فإن بإمكاننا "تقديم المساعدة على نطاق واسع - لم يعد الأمر كذلك".
وأشار إلى أن السلطات الإسرائيلية قطعت دخول جميع الإمدادات المنقذة للحياة عن 2.1 مليون شخص منذ 2 آذار/مارس. وقال: "رُفضت طلباتنا المتكررة لجمع المساعدات الراكدة عند معبر كرم أبو سالم رفضا ممنهجا. الطعام يفسد وصلاحية الأدوية على وشك الانتهاء".
وقال إنه يجري حاليا ترشيد الموارد الأساسية، وشدد على أن "هذا الحصار الشامل للمساعدات المنقذة للحياة والسلع الأساسية والتجارية سيكون له تأثير كارثي على سكان غزة الذين لا يزالون يعتمدون على تدفق مستمر للمساعدات إلى القطاع".
وأضاف فليتشر أن العاملين في المجال الإنساني يواصلون تقديم ما تبقى من إمدادات داخل غزة لمن هم في أمس الحاجة إليه، بالإضافة إلى نقل المياه بالشاحنات، وتوفير حصص غذائية مخفضة، وتوزيع مواد الإيواء، ودعم المستشفيات بأفضل ما يمكنهم، "لكننا لا نستطيع تحمل هذا الوضع لفترة أطول ما لم تُفتح المعابر مجددا لدخول المساعدات".
وقال: "لا يمكننا، ويجب ألا نقبل العودة إلى ظروف ما قبل وقف إطلاق النار أو المنع الكامل لدخول الإغاثة الإنسانية. يجب حماية المدنيين وتلبية احتياجاتهم الأساسية. ويجب احترام القانون الدولي".
وشدد على ضرورة تجديد وقف إطلاق النار كأفضل سبيل لإنهاء معاناة سكان غزة، وحماية المدنيين من كلا الجانبين، وإطلاق سراح الرهائن والمعتقلين والسماح بدخول المساعدات والإمدادات التجارية.
نقص التمويل
كما حذّر فليتشر من عواقب نقص التمويل على عملية الإغاثة، قائلا إن الاستجابة الإنسانية لم تتلقَّ سوى 4% مما هو مطلوب للعام الحالي، وقال: "ليس لدينا ما يكفي حتى للاستمرار لهذا الربع (من العام)".
وأخبر فليتشر أعضاء المجلس أنه خلال زيارته الأخيرة إلى غزة رأى رسالةً لا تزال عالقة في ذهنه – كان قد كتبها طبيب قُتل لاحقا على سبورة في إحدى المستشفيات، قال فيها "من يبقى حتى النهاية سيروي القصة. لقد فعلنا ما بوسعنا. تذكرونا".
وسأل المسؤول الأممي أعضاء مجلس الأمن: "هل سنتمكن من القول إننا فعلنا ما بوسعنا؟"