أمام مجلس الأمن، الأمم المتحدة تدعو إلى وقف "الفظائع" في غزة

"أطلب منكم أن تفكروا للحظة في العمل الذي سنقول للأجيال المقبلة إننا قمنا به لوقف فظائع القرن الحادي والعشرين التي نشهدها يوميا في غزة"
هكذا بدأ توم فليتشر منسق الأمم المتحدة للإغاثة الطارئة إحاطته لأعضاء مجلس الأمن الدولي عن الوضع في قطاع غزة.
وأضاف فليتشر أن إسرائيل "تفرض عمدا ودون خجل ظروفا غير إنسانية" على المدنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة، وشدد على أن "كل فرد من بين 2.1 مليون فلسطيني في قطاع غزة يواجه خطر المجاعة".
وأضاف أن الأمم المتحدة وشركاءها يسعون جاهدين لاستئناف تقديم المساعدات الإنسانية على نطاق واسع في جميع أنحاء القطاع. وقال: "لدينا آليات صارمة لضمان وصول مساعداتنا إلى المدنيين وليس إلى حماس، لكن إسرائيل تمنعنا من الوصول، وتضع هدفها المتمثل في إخلاء غزة من السكان قبل حياة المدنيين".
وقال فليتشر إن على إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، الموافقة على تقديم المساعدة وتسهيلها، وشدد على أنه "لمن لا يزال يتظاهر بالشك، فإن آلية التوزيع التي صممتها إسرائيل ليست الحل".
وقال إن الخطة الإسرائيلية "تجعل المساعدة مشروطة بأهداف سياسية وعسكرية، وتجعل من التجويع ورقة مساومة. إنها مجرد عرض جانبي ساخر. إنها تشتيت متعمد. إنها غطاء لمزيد من العنف والنزوح".
وقال إن الأمم المتحدة التقت مرار بالسلطات الإسرائيلية لمناقشة الآلية المقترحة، لكنها لم تجد فيها الحد الأدنى من الشروط اللازمة لمشاركتها.
وقال وكيل الأمين العام إن الأمم المتحدة أطلعت المجلس على ما شهدته من وفيات وإصابات ودمار وجوع ومرض وتعذيب وغيره من ضروب المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة، والتهجير المتكرر على نطاق واسع، بالإضافة إلى العرقلة المتعمدة لعمليات الإغاثة "والتدمير المنهجي لحياة الفلسطينيين، وما يدعمها، في غزة".
وقال إن محكمة العدل الدولية تدرس ما إذا كانت هناك إبادة جماعية تحدث في غزة، وستُقيّم الشهادة التي تقدمها الوكالات الإنسانية، "ولكن سيكون الأوان قد فات".
وأضاف مخاطبا أعضاء المجلس: "من أجل القتلى ومن أُسكتت أصواتهم: ما الذي تحتاجونه من أدلة إضافية؟ هل ستتحركون الآن - بحزم - لمنع الإبادة الجماعية وضمان احترام القانون الدولي الإنساني؟ أم ستقولون بدلا من ذلك، لقد فعلنا كل ما في وسعنا".
ودعا السلطات الإسرائيلية إلى الكف عن قتل وجرح المدنيين، ورفع هذا "الإغلاق الوحشي"، والسماح للعاملين في المجال الإنساني بإنقاذ الأرواح. كما دعا حماس والفصائل الفلسطينية المسلحة الأخرى إلى إطلاق سراح جميع الرهائن فورا ودون شروط، والكف عن "تعريض المدنيين للخطر أثناء العمليات العسكرية".
الفاو: عواقب لا رجعة فيها
وقالت أنجليكا جاكوم، مديرة مكتب منظمة الأغذية والزراعة التابعة للأمم المتحدة (الفاو) في نيويورك إن الوضع في غزة صعب للغاية، حيث يواجه ملايين الأشخاص انعداما حادا في الأمن الغذائي، "وخطر المجاعة وشيك"، مشيرة إلى ما ورد في أحدث تقرير للتصنيف المتكامل لمراحل الأمن الغذائي الذي أكد أن جميع سكان غزة لا يزالون معرضين لخطر المجاعة.
وقالت في إحاطتها أمام المجلس: "نشهد انهيارا منهجيا للظروف الأساسية للبقاء. لا يعاني سكان غزة من نقص الغذاء فحسب، بل يعانون أيضا من انهيار عميق في صحتهم وسبل عيشهم وبنيتهم الاجتماعية، مما يترك مجتمعات بأكملها في حالة من اليأس والدمار والموت".
وحذرت من أن أنظمة الأغذية الزراعية في قطاع غزة انهارت، وارتفعت أسعار المواد الغذائية بشكل حاد، كما تعرض الإنتاج المحلي للغذاء للدمار.
وأضافت أن ما يقرب من 75 في المائة من الأراضي الزراعية، التي كانت تساهم بنحو ثلث الاستهلاك اليومي، تضررت أو دمرت منذ تصاعد الأعمال العدائية.
وأوضحت أن الإنتاج الحيواني تعرض للدمار، حيث نفق ما يقرب من 95 في المائة من الماشية، وأكثر من نصف قطعان الأغنام والماعز، وارتفع سعر دقيق القمح بنسبة 3000 في المائة منذ شباط/فبراير 2025.
وقالت جاكوم إنه "بحلول الوقت الذي أُعلنت فيه المجاعة، كان الناس يموتون جوعا بالفعل، مع عواقب لا رجعة فيها ستستمر لأجيال. الفرصة سانحة لتقديم المساعدة الآن".