بيان صحفي

غزة: إسرائيل تواصل قتل أسر فلسطينية نازحة بأكملها في منطقة صنّفتها بأنها "آمنة"

٣٠ يونيو ٢٠٢٥

يواصل الجيش الإسرائيلي استهداف خيام الفلسطينيين النازحين في منطقة المواصي غرب خان يونس، مما أسفر عن مقتل أسر بأكملها، في الوقت ذاته الذي يواصل فيه إصدار أوامر للمدنيين الفلسطينيين في أجزاء أخرى من غزة بالانتقال إلى ما يسميه بـ "الملاجئ المعروفة" في المواصي، رغم أن المنطقة لا تزال غير آمنة وتفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لاستيعابهم أو تلبية احتياجاتهم الأساسية.

منذ انتهاء وقف إطلاق النار في 18 آذار/مارس 2025، كثّف الجيش الإسرائيلي عملياته في رفح وخان يونس، مما دفع بالسكان المدنيين إلى التكدس في مساحات تتقلص بشكل متزايد. ففي الفترة ما بين 18 آذار/مارس و16 حزيران/يونيو، أصدر الجيش الإسرائيلي 21 أمر تهجير بحق الفلسطينيين في رفح، ومعظم أنحاء خان يونس، وبعض مناطق وسط غزة الجنوبي. 

تبلغ مساحة منطقة المواصي، الواقعة غرب خان يونس، حوالي 8.9 كيلومترات مربعة. وتكاد تكون المنطقة خالية تماماً من البنية التحتية الأساسية، بما في ذلك المأوى، ومرافق المياه والصرف الصحي، وإزالة النفايات الصلبة، والمراحيض، والمرافق الصحية. ورغم ذلك، صنّفها الجيش الإسرائيلي من طرف واحد على أنها "منطقة إنسانية"، ويشير إليها في أوامر التهجير باعتبارها منطقة تحتوي على "ملاجئ معروفة". وقد دعا فريق تجمع المأوى، العامل تحت مظلة الفريق القطري الإنساني للأمم المتحدة، وشركاؤه، مراراً وتكراراً إسرائيل إلى تسهيل وصول ودخول الإمدادات الإنسانية العاجلة اللازمة لبناء الملاجئ من أجل تلبية احتياجات الأعداد المتزايدة من المدنيين الذين يتعرضون للتهجير القسري. 

وبموجب القانون الدولي الإنساني، فإن على إسرائيل، بصفتها القوة القائمة بالاحتلال، واجب ضمان توفير المأوى الكافي والآمن للنازحين داخلياً، إضافة إلى تأمين وصولهم إلى الغذاء والماء والرعاية الصحية، إلى حين تمكنهم من العودة إلى منازلهم. لكن، وعلى الرغم من مرور 21 شهراً على إصدار الأوامر الأولى التي تطالب المدنيين بالانتقال، لم تبذل إسرائيل أي جهد للامتثال لالتزاماتها كقوة احتلال، لا من حيث توفير سكن ملائم للنازحين، ولا من حيث ضمان أن تتم عمليات التهجير هذه في ظروف مرضية من حيث الصحة والنظافة والسلامة والتغذية. 

ومنذ نهاية وقف إطلاق النار في 18 آذار/مارس 2025، كانت المواصي تعجّ أصلاً بالنازحين الفلسطينيين. وبعدها، أدى تزايد أوامر التهجير إلى ارتفاع كبير في عدد السكان فيها. ووفقاً لمكتب تنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، فقد ارتفع عدد السكان من 115,000 في 13 آذار/مارس إلى 425,000 بحلول 19 حزيران/يونيو. ويعيش معظمهم في خيام مؤقتة مصنوعة من مواد أولية بسيطة للغاية. وقبل اندلاع الحرب، كانت غزة بالفعل من أكثر المناطق كثافة سكانية على وجه الأرض، بواقع حوالي 5,500 نسمة في الكيلومتر المربع الواحد. أما اليوم، في المواصي، فتصل الكثافة السكانية إلى أكثر من 47,700 نسمة في الكيلومتر المربع. 

وعلى الرغم من إصدار أوامر للمدنيين بالانتقال إلى المواصي، واصلت القوات الإسرائيلية شنّ هجمات عسكرية كثيفة على المنطقة، بالرغم من الكثافة السكانية المرتفعة جداً. ويبدو أن العديد من هذه الهجمات استهدفت بشكل مباشر خياماً مؤقتة، ما أدى إلى سقوط ضحايا بين المدنيين الذين لجأوا إليها. وخلال الفترة ما بين 18 آذار/مارس و16 حزيران/يونيو 2025، وثق مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأرض الفلسطينية المحتلة 112 هجوماً أسفرت عن مقتل 380 شخصاً، من بينهم ما لا يقل عن 158 امرأة وطفلاً. ومن بين الضحايا، تم توثيق 64 حالة قُتلت فيها أسر نواة كاملة (أي الوالدان والأبناء). 

ومن بين التقارير المتوفرة لدينا، ما يلي: 

  • في 31 آذار/مارس، استهدفت القوات الإسرائيلية خياماً قرب كلية العلوم التطبيقية في المواصي. وقد تحققنا من مقتل ثلاثة فلسطينيين من عائلة العقّار: امرأة تبلغ من العمر 24 عاماً، وأخرى تبلغ 66 عاماً، وطفل يبلغ 3 سنوات.
  • في 25 آذار/مارس، استهدفت القوات الإسرائيلية خيمة تعود لعائلة أبو طعيمة قرب جامعة الأقصى في مخيم الأرض الطيبة، المواصي. وقد تحققنا من مقتل خمسة فلسطينيين: رجل يبلغ 33 عاماً، وزوجته الحامل البالغة 29 عاماً، وأطفالهما الثلاثة (صبيان يبلغان من العمر 4 و6 أعوام، وفتاة تبلغ 7 أعوام). لم تصدر القوات الإسرائيلية أي ادعاء بشأن الهدف من الضربة، وهو ما يعكس نمطاً من الهجمات التي لا يُحدَّد فيها أي هدف عسكري، ويُفترض أن جميع من قُتلوا مدنيون ما لم تقدم السلطات الإسرائيلية دليلاً يُثبت خلاف ذلك.
  • في 19 أيار/مايو، حوالي الساعة التاسعة مساءً، استهدفت القوات الإسرائيلية خيمة تعود لعائلة القصاب قرب مفترق "فِش فريش"، في المواصي. وقد تحقق مكتب حقوق الإنسان من مقتل سبعة فلسطينيين – امرأة تبلغ 34 عاماً وستة من أطفالها (أربع فتيات تتراوح أعمارهن بين 5 و13 عاماً، وولدان يبلغان 11 شهراً و11 عاماً). 

ولم تقدّم القوات الإسرائيلية أي تبرير علني لأي من الهجمات الـ 112 التي استهدفت الخيام، والتي وثقها مكتبنا. وخلال الفترة نفسها، لم تُصدر القوات الإسرائيلية أي بيانات تشير إلى أنها استهدفت عناصر من الجماعات المسلحة الفلسطينية أو أي أهداف عسكرية في مناطق محددة في المواصي. واستثناءً لذلك، أعلنت في 30 أيار/مايو عن مقتل "خليل عبد الناصر محمد الخطيب، قائد خلية في كتيبة حماس في المواصي"، دون أن تحدد الموقع الذي قُتل فيه. ومع أن لدينا معلومات حول ثلاث حوادث وقعت في منطقة المواصي في ذلك اليوم، إلا أننا لم نتمكن من التحقق من أن خليل الخطيب كان من بين القتلى. كما لم يتمكن المكتب من تحديد وجود أي أهداف عسكرية مشروعة في محيط الأماكن التي وقعت فيها الهجمات. إن هذه الهجمات، التي أسفرت عن مقتل مئات الفلسطينيين، تثير مخاوف جدية بشأن الاستهداف المتعمّد للمدنيين، في انتهاك جسيم للقانون الدولي الإنساني. وهي توضح بشكل صارخ أنه لا يوجد أي مكان آمن في غزة، بما في ذلك المناطق التي تُصنّفها إسرائيل على نحو أحادي بأنها "مناطق إنسانية".

كيانات الأمم المتحدة المشاركة في هذه المبادرة

المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان

الأهداف التي ندعمها عبر هذه المبادرة